ü جاء في الزميلة المجهر أمس أن الإيقاد «أسقطت» ممثل السودان الفريق الدابي من لجنة الوساطة التي تدير مفاوضات الفرقاء في جنوب السودان بأديس أبابا!! نحن لا نعرف الملابسات التي اختارت بها الحكومة «الدابي» بذات القدر الذي نجهل فيه كيف تفكر؟ وما هي المعايير التي تختار بها الأشخاص في المهام التي تسندها لهم سواء كانت هذه المهام دائمة أم مؤقتة!!. السيرة الذاتية للفريق محمد أحمد الدابي هي سيرة جيدة في سجله العسكري كغيره من كبار الضباط الذين عملوا في القوات المسلحة في مختلف المواقع كما أنه يحمل خبرة في كثير من اللجان الوزارية المشتركة للسودان مع عدد من دول الجوار ودول أفريقية وأوربية وآسيوية! لمع نجم الدابي عندما تم اختياره رئيساً لبعثة مراقبي جامعة الدول العربية في سوريا ووجد الاختيار ارتياحاً وسط السودانيين وتمنى الكثيرون للرجل أن يلعب دوراً مشرفاً للسودان وأن يكون إمتداداً لرجال الدبلوماسية السودانية الذين يحفظ لهم التاريخ الكثير من الأدوار والنجاحات التي حققوها في كثير من الأزمات التي مر بها العالم العربي أو القارة السمراء!! ولا ينسى تاريخ الجامعة العربية الدور المشهود للسودان وللزعيم الراحل محمد أحمد المحجوب في حل مشكلة اليمن والتي نشبت آنذاك بين الزعيمين الراحلين الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود والرئيس جمال عبد الناصر رحمهما الله، ويقال إن المحجوب دخل صنعاء تحت وابل الرصاص في حرب السبعين التي شنتها القبائل اليمنية على العاصمة وحاصرتها لمدة 70 يوماً وجاء المحجوب والوفد السوداني لليمن وأجرى اتصالاته بنجاح و«حياد» مع أطراف النزاع وتكللت الجهود السودانية بالنجاح الكامل عندما احتضنت الخرطوم قمة اللاءات الثلاثة لا صلح ولا تفاوض ولا سلام مع إسرائيل وتم تتويجها بذلك الصلح التاريخي الذي تم بين الزعيمين فيصل وعبد الناصر على ضفاف النيل الخالد فدخلت الخرطوم التاريخ العربي من أوسع أبوابه ومعها الدبلوماسية السودانية!! هذا ما كان يأمله السودانيون من الفريق الدابي وهو يذهب لسوريا إلا أن الرجل لم يجد الطريق أمامه مفروشاً بالورود واصطدم تعيينه برفض عربي ودولي ودخلت في خط الرفض عدد من حركات دارفور على خلفية عمل الرجل العسكري والسياسي في دارفور!! ولم يقف الأمر عند هذا الحد فعدد من تصريحاته التي أدلى بها إبان عمله كرئيس لوفد فريق المراقبين العرب أقامت الدنيا ولم تقعدها وطالبت أصوات عربية برحيل الفريق السوداني فوراً خصوصاً عندما حاول تفنيد تصريح أحد المراقبين العرب الذي قال إنه رأى قناصاً «بدرعا» لكن الفريق الدابي قال إنه لم يقل ذلك علماً بأن التصريح جاء بعد ذلك في شريط فيديو كما نشرت الصحف العربية آنذاك!! ولم تمض مهمة الدابي أكثر من ذلك فقد جاءت الجامعة العربية ومجلس الأمن بكوفي عنان كرئيس لوفد المراقبين إلى سوريا لمراقبة الأوضاع بحيدة وعدم انحياز لأي من الأطراف كما اتهمت بعض الأطراف العربية والدولية الممثل الذي سماه السودان للجامعة العربية. نحن لا نعرف الظروف التي دفعت الحكومة - وهي حرة في اختيارها - ليكون ممثلاً لها في لجنة الوساطة الأفريقية مع طرفي النزاع في دولة الجنوب ولكننا نتمنى أن يكون ما أوردته الزميلة المجهر خطأ غير مقصود وسقط سهواً اسم ممثل السودان الفريق الدابي عن المشاركة في السكرتارية والتي ركزت بصورة كبيرة على أثيوبيا وكينيا!! نتمنى ألا يكون السودان مقصوداً في ذاته أو في «فريقه».. وأن لا يتكرر فيلم «الإبعاد» مرة ثانية والإبتعاد ما أمكن من التصريحات «الشترة» و«الملونة».