ياالهي .. اي فتى هذا الجميل الذي اسرج ذات مساء وسيم صهوة الكلمة المتمردة واسري بها من (شرفة الشرفة) محلقاً فوق صهيل السحاب وهديل الغيوم ثم هبط برفق على (سهلة) الخرطوم وهو يحمل سبيطة من النجوم اخذها من نخلة الكون التي لا تقل عنها زهواً واشراقاً نخلة الطيب صالح التي نهضت بشموخ رجال الشمال فاصبحت (نخلة على الجدول). جاء الفتى الجميل من (شرفة الشرفة).. جاء الي الخرطوم وغرفات قلبه الاربع مفروشة بالود والورد وفوح شقائق النعمان وبوح (سهلة السودان) .. جاء بلسان سوداني فصيح لايؤنث المذكر ولايذكر المؤنث مثل اهلنا في الشمال (الجواني) جاء الي الخرطوم وفي الجامعة تعرف على بنات واولاد نمرة (2) الذين كانوا يلقون عليه تحية الصباح برقه ضوء القمر وتعرف على بنات واولاد الديوم الذين يلقون عليه التحية بخشونة جلمود الحجر .. (النمره اتنينيون) يقولونها: هاي حسنى و(الديامييون) يقوولنها: كيف الحال ياود خوجلي .. عافية درت؟ اظنكم عرفتموه الآن. لم تطل حيرته بين ثقافة (اولاد المصارين البيض) وثقافة اولاد (المسحوقين السمر) والي اي الثقافتين ينتمي وباي الصحاب يلتقى .. لم تطل حيرته في الاختيار بين الثقافتين وانما وفي وقت مبكر من عمره اختار طريقه بعناية فائقة حيث اختار طريق الكادحين السائحين في متاهات الزمان اولئك الذين يعيشون على الكفاف اولئك الذين تعركهم المسغبة كعرك الرحي بسفالها.. انهم ابناء الشمس والصيف والمطر الذين يعيشون في بلاد يحترق ريش عصافيرها من شدة الحر .. انهم المسحوقون الذين لاينامون الليل وانما يقضونه امام فوهة براكين الافران والاحزان وعيونهم مقروحة الاهداب .. يبللها ملح الدموع وذوب الشموع التي تحترق من اجل الاخرين .. انهم الذين فرضت عليهم مقولة اخرى غير التي يعرفها ناس البيرقر والهوط ضوق والبيتزا واقفاص العصافير الملونة والكناري .. انهم .. انهم ياسادتي ابناء الضهاري الذين يعيشون ويموتون على طوحال المدينة وقد فرضت عليهم مقولة (الليل معاشا والنهار صراعاً ) مع الثالوث الجهنمي (الجهل والفقر والمرض). هكذا ياسادتي انتمي ذاك الفتي الجميل الذي قدم من (شرفة الشرفة) الي الخرطوم يحمل حقيبة هاند باك واباطه والنجم .. قدم الي الخرطوم وتحت اضراسه كعكة ود المكي وهي تحمل يافطة مكتوب عليها بخط ردئ (غير قابل للكسر) وانضم الي ايقونة المبدعين الله .. الله ياود المكي ياصاحب الكعك الحجر .. الله .. الله ياعلى ياود المك شعر وقصة قصيرة وورجغةازقة ام درمان.. الله .. الله ياصاحب السمندل ياواحة الشعر .. ياروعة العودة الي سنار .. ياانت يامن لازلت فينا حياً يامحمد عبدالحي الله .. الله يامحمد المهدي المجذوب يامن تجولت ذات ليلة ربيعية وريفة في ميدان عبدالمنعم وارهفت السمع لمنشد شيخاً هو التمساح .. يحمي عرشه المضفور من موج الدميرة فكانت رائعته (ليلة المولد) ياخير الليالي وقبله وفي اسفل الوادي شدا احمد شوقي برائعته ولد الهدي فالكائنات ضياء التي تغنت بها كوكب الشرق السيدة ام كلثوم . جاء الفتى الجميل الي الخرطوم وبقلبه لهفة لاسعاد الناس مثله مثل الشاعر (شيلي) الذي قالها يوما بقلبي شهوة لاصلاح العالم ويا لقلبي على غازي صلاح الدين الذي اكتفى باصلاح السودان وليس العالم ورغم ذلك ابعده الحرس القديم الذي كرت عليه المسبحة فوجد نفس المصير.. قلت انفاً اظنكم عرفتموه .. اعني هذا الفتي الجميل الذي جاء من (شرفة الشرفه) الي الخرطوم ليشعل في شارع الصحافة السودانية حريقاً لم ينطفئ بعد. انه .. انه ياسادتي الاستاذ حسين خوجلى هذا الفتي الجميل الذي كان ولازال سيد شباب مافوق الخمسين .. هذا العصامي الذي بنى نفسه بنفسه دون ان يدق له اي (زول) مدماك واحد في هرمة الكبير وهو اول صحفي سوداني يغادر كرسيه في المدرج الجامعي الي كرسي رئاسة التحرير حيث بدأ (الحسين) حياته الصحفية برئاسة تحرير صحيفة (الوان) الواسعة الانتشار هذه الصحيفة التي تحدثت وهي لازالت في المهد صبية فضلاً عن انها جمعت في حوصلتها كل الوان الطيف السياسي السوداني ومن ثم حملت الصحيفة توجهها اسما وفعلاً وذلك بالقيادة الرشيدة لقائدها وربان وقائد سفينتها الاستاذ حسين خوجلي وبذلك استطاع (الاستاذ) ان يخترق بصحيفته حاجز الصوت فاصبح لصوته عبر (الوان) بصمه غير قابلة للكسر او الهجر او النفى وهذا سر ديمومة صدور صحيفة (الوان) رغم تعرضها للضغوط الهائلة التي لايستطيع ان يتحملها الا اصحاب الرسالات و(الحسين) صاحب رسالة وموقف وفكر ولعله حينما تم تعينه عضوا في البرلمان لم يستطع كبح مواقفه امام القضايا التي تهم الامة فوقف في البرلمان واعلانها داوية.. فشلنا في كذا وكذا وكذا ويومها قلت لاصحابي ان الحسين لن يعمر طويلاً تحت قبة البرلمان وقد حدث ذلك تماماً .. تماماً ما املاه علي حدسي وجاءت اللطمة الكبرى التي لم تقصم ظهر البعير فحسب وانما قتلت البعير نفسه فاصبح اي بعير بعد الحسين فأراً وليس اي فأر وانما هو (فأر مسيد) الذي لايستطيع تدبر لقمة عيشه وسط الواح المسيد واحبارالشرافة. بعد ذلك ورغم الضغوط الهائلة استطاع ان يقود حركة التوثيق في السودان فوثق عبر برنامجه الرائع العظيم (ايام لها ايقاع)للعديد من المبدعين وقادة الرأي واستطاع الحسين ان ينقذ مايمكن انقاذه من التوثيق لاولئك النجوم في كل المجالات وبذلك استطاع ان ينقذ السودان من جاهلية (الشفاهية) التي قال عنها يوماً الجنرال الاديب الراحل عمر الحاج موسى (ان ثقافتنا اما في الصدور او القبور) وهذا مايجعلني استمسك بالشعار الذي رفعته منظمة ميديا للنشر والتوثيق التي اتشرف بقيادتها (مع التوثيق .. ضد الشفاهية) ولعلي هنا اهمس في اذن الحسين ودون حاجة لحرق ذرة بخور واقول للحسين .. انت (رجل مؤسسة) بل انت رجل امه فكيف يستطيع فرد واحد ان ينشئ قناة تحمل اسم امدرمان واذاعة تحمل اسم المساء وبينهما نشاهد ونسمع برنامجك الرائع (مع حسين خوجلي) الذي يمكن ان يفتح الف .. الف باب لقيام (حزب السودانيين) الذي يمكن وببساطة شديدة ان يكتسح الانتخابات القادمة موديل 2015م.