سعادة الجنرال بكري النائب الأول لرئيس الجمهورية.. لك الود والتحايا والسلام.. ونلجأ اليك تحديداً لأنك الآن في القصر الجمهوري.. رقم شاهق في شأن القصر.. بل في شأن الشعب والوطن.. نلجأ إليك لأنك الرجل الثاني في هرم إدارة الدولة كلها.. انساناً وشجراً وحجراً.. نلجأ إليك تحديداً لأن مصيبتنا التي نحن الآن بصددها قد خرجت من ذات القصر الذي تجلس أنت شخصياً في أحد مقاعدةالفخيمة الوثيرة والمثيرة.. مشكلتنا سيدي الجنرال.. هي صفعة مدوية بل «بُنْية» قوية سددت لنا في الوجه والصدر وحتى الأعناق.. هي سيدي قرار نزل علينا كالصاعقة.. وما زال حتى اليوم سارياً يلازمنا ملازمة «الكيو لليو» بل ملازمة ظلالنا ونحن نمشي في جمر الهجير.. نتذكره كل ما يهل علينا الشتاء الذي كان الفصل الوحيدالقادر على رسم الابتسامة على وجوههنا المصرورة أبداً «المكرمشة» دوماً «المكشرة» آناء الليل وأطراف النهار.. في هذا الفصل فصل الشتاء من كل عام نتذكر بل نصطلي بنيران ذاك القرار المدهش العجيب نتذكر «بدعة» اسمها البكور.. بدعة ما سبقنا عليها أحد في كل هذا الكوكب.. نتذكر سيدي الجنرال إنه وقبل اعوام من الآن وعندما كانت الانقاذ طفلاً يحبو وعندما كان الفزع يسكن القلوب ويسد الدروب.. وعندما كان بعض ابناء الانقاذ يتصرفون بل يديرون المواقع التي لها ينتدبون إدارة الاقطاعيات والامارات والممالك.. يفكر المسؤول قليلاً ثم يصدر قراراً مدمراً مزلزلاً ومجلجلاً بلا استشارة وبلا جماعية وبلا مشورة وينزل القرار على الشعب بل على الوطن قاطبة كما تنزل الصخور المشتعلة على السفوح عند هول البراكين.. في تلك الأيام.. دخل القصر الجمهوري أحد الدكاترة وهو الدكتور عصام صديق مستشاراً للسيد رئيس الجمهورية.. لم نكن نعرف ولا من حقنا أن نعرف إن الرجل «دكتور في شنو؟».. هذا ليس شأننا ولا جزء من اهتمامنا بالطبع لم نكن «وحتى اليوم» لم نعرف مهامه وأيضاً هذا ليس من شأننا.. ولكن وعندما اصدر القرار الزلزال.. قرار البكور.. تلفتنا في هلع و «جرينا» في فزع وبدأنا نسأل «يا جماعة الزول ده دكتور في شنو؟؟» ثم بدأنا في التنقيب.. ما تركنا ورقة إلا قرأناها.. بل ما تركنا حجراً إلا وبحثنا تحته.. الرجل وحسب معلوماتنا وحتى الآن لم يكن دكتوراً في علم الفلك ولا هو من رسم على الكرة الارضية «المدورة» خطوط الطول الوهمية.. وأظن وليس كل الظن إثم أظن ويظن كثيرون مثلي ان الرجل دكتور في الصمغ العربي.. ولست ولسنا وليس كل الشعب السوداني قاطبة يعرف العلاقة بين فارق التوقيت ودوران عقارب الساعة وخطوط الطول واشراق الشمس وهبوط الليل لا نعرف العلاقة بين كل ذلك والصمغ.. المهم يا سعادة الجنرال فقد اربكنا البكور حد الربكة وازعجنا حد الهوس.. وأذلنا حد المهانة.. وأفزع اطفالنا حد الهلع.. واجتاحتنا غضبة مضرية «قطعناها في مصارينا» ونحن نرى أطفالنا وهم يذهبون إلى مدارسهم عند السابعة صباحاً والسماء ما زالت مرصعة بالنجوم والظلام الكثيف يغطي الدروب وكل الممرات والكلاب «صاحية» وهي تنبح وتتحرش بفلذات الأكباد.. والخوف والهلع و «الرجفة» تتراقص في قلوب هؤلاء الأطفال.. ناشدنا أولي الأمر في إلحاح وإلحاف.. علمنا أن لجنة من الخبراء في شتى المجالات ومختلف التخصصات!!! والتي تعني بمثل هذا الأمر قد أوصت بالغاء البكور.. وما زال البكور يصرع كما الملاكم الرهيب كل من يقترب من تلك الحلقة!! حلقة البكور.. سيدي الجنرال.. لقد أصدر دكتور البكور الأمر «بجر الساعة» منفرداً وبجرة قلم.. فها نحن نتوسل ونرجو منك ان تلغي «البكور» وبجرة قلم لنحفظ لك جميلاً تسير بذكره الركبان..