ü أمضينا نهار أمس - كعادة مجالس الخرطوم- في قراءة ما حدث أول أمس البارحة بقاعة الصداقة حول خطاب البشير.. «الناس تسأل ونحن نجيب» فقد كنا شهوداً لهذه اللحظة.. أغلب الأسئلة كنا نجيب عليها قائلين: «لا أدري» ومن قال «لا أدري» فقد أفتى.. كما قال الإمام مالك.. ü السودانيون يحبون في مثل هذه المواقف «سلخ النملة» كما كانوا «زمان» يحبون «باتا»..!! ü النقاش في الحقيقة بدأ «قبل» الخطاب والذي كان عبارة عن توقع «لمفاجأة».. وتصاعد «بعده» والذي كان محاولة «للغربلة» والتحليل وقراءة ما حدث بزوايا «الأمنيات» التي يراها كل منا للحدث!! ü الأمنيات تذكرني بالواقعة التي أذكرها من حين لآخر عندما ذهبنا في منتصف الثمانينات - وكنا وقتها صحفيين في بداية الطريق- لجامعة الخرطوم ونحن ننوي إجراء استطلاع مفاده سؤال واحد : لماذا تفشل ثورات وانتفاضات الشعب السوداني؟! كنا نقصد شخصية بعينها لنستطلعه وهو عالم مشهور في التاريخ والدراسات السودانية.. وتعودنا دائماً إجراء مثل هذه الحوارات معه. ü عندما سألنا عنه قيل لنا إنه خارج الجامعة وهممنا بالمغادرة.. أحد الموظفين أشار لنا لمكتب مجاور قال بداخله أستاذ في التاريخ.. إلا أنه جديد «لنج» ترددنا كعادة السودانيين ورأيهم في «البديل» - المهم بعد أخذ ورد دخلنا عليه أنا وزميلي - بادرنا الرجل مرحباً بالحوار وألجمت الدهشة ألسنتنا عندما لخص لنا حل مشاكل السودان في كلمتين «تحجيم الآمال». ü الفكرة واضحة.. طموحنا زايد على أحجامنا الحقيقية!! إذا أخضعنا هذا المنهج على ردود الأفعال التي تلت خطاب الرئيس سنجد أن «الآمال» كانت أكبر من «الواقع» المتاح والمعاش!! ü أمس بعد خروجنا من الصحيفة وفي الساعات الأولى من الصباح وأنا في الطريق وكان بجانبي الزميل الأستاذ الصحفي صبري جبور.. رن هاتفي وكان المتحدث صديق عزيز مغترب سألني: يا أخي فهمت حاجة من الخطاب؟!! ü ضحكت وسردت عليه ما قاله لي أحد الزملاء ونحن في القاعة: والله يا جماعة حيرتونا «يكلموكم» بلغة «الهوت دوق والبيتزا» «تكوركوا» ويكلموكم بلغة «سيبويه» و«البحتري» تقولوا ما فاهمين حاجة!! «عربي جوبا» ابيتوه تماماً إفهموكم بياتو لغة؟ ب«البراندوك» أم ب«السريالية»!! ü قلت له: يا صديقي الخطاب حمل مؤشرات «جديدة» وجاء بلغة مختلفة وسط حضور سياسي فاعل والكلمات الواضحة داخل كل هذا «السجع» تشير إلى أن هناك حريات ودستور وسلامة للانتخابات ومعاها «كمان» نية صادقة.. «تاني دايرين شنو».. يا جماعة أرموا «قدام» هذه المرة!! ü ما حدث أمس نصف المفاجأة فالركائز «الأربعة» التي طرحتها «الوثبة» بحضور ومباركة قوى سياسية فاعلة ومؤثرة أمر جديد على الساحة هذا يعني أن حواراً وعملاً كبيراً قد تم وراء «الكواليس» وفي غرف «بعيدة». ü هذا «التطور» في طور التكوين وهو أشبه بشمعة في مهب الريح.. ريح «الإلتفاف» من داخل «الوطني» وريح «الرفض» والعناد من بقية القوى السياسية التي غابت أمس من مشهد القاعة. ü «الوثبة» محتاجة ل«قفزة» أخرى نتمنى ألا تكون في الظلام!!