الاسف عملة سودانية نادرة ، للأسف لا توجد ريحة هذه الكلمة في خطابنا اليومي ، الناس في السودان عبارة عن بلدوزرات لا تعرف يمه ارحميني ، كلنا تأخذنا العزة بالاثم ونرفض الاعتذار عندما نرتكب الخطأ ، اسمعوني ، القيادات والزعامات لا تأخذة «سندة» وتتأسف على تصرفاتها وأفعالها، وفي وسائل المواصلات ربما يلكزك رجل مفتول العضلات ، ويمضي الى حال سبيله دون أن يعتذر ، وقس على ذلك في مرافق الخدمة العامة والقطاع الخاص والاسواق والمستشفيات ، اما في البيوت فان مسألة الاعتذار بين الازواج وافراد الاسرة ، من سابع المستحيلات ، فالرجل ربما يفنجل عينيه ويرشق زوجته بالحذاء اذا اصطدمت به في البرندة ، والزوجة قد تفعل ذلك في المواقف المشابهه وتصيح في وجه زوجها زح كده ، حتى في خطابنا السياسي لا توجد كلمة الاسف والاعتذار فمنذ ان رفعنا راية الإستقلال تعرض الكثيرين الى التعسف من قبل الحكومات المتعاقبة ، وربما تمت محاكمتهم دون وجه حق ، ولكن للأسف فان مجموعة العتاولة والجلادون حتى الآن لم يعترفوا بارتكابهم اخطاء تقصف الاعمار ، وياليتهم اعتذروا للضحايا ، كان على الاقل بردت قلوبهم من حرارة الحقد الاسود ، الم اقل لكم اننا شعب صنديد وبلدوزرات لا نعرف الاعتذار ولا نعترف بأخطائنا القاتلة ، اذكر من ضمن نتف الذكريات المتبقية في الذاكرة المصابة بضباب الايام والسنين ، انني كنت برفقة مجموعة من ابناء الاهل نتناول طعام العشاء في مطعم شعبي بسوق الديوم الشرقية ، وبعد العشاء ، اصطدم واحد من افراد الشلة برجل سمين اخرق ، ورغم اننا قدمنا له اسمى آيات الاعتذار الا ان الرجل سد اذنا من طين والاخرى من عجين وكاد ان يشتبك معنا ، في مضاربة حامية الوطيس ، طبعا الرجل لم يقبل الاعتذار لان ثقافة الاعتذار منعدمة لينا ، اسمعوا هذه القصة الطريفة عن اهتمام الغرب بالاعتذار ، الحكاية وما فيها ان امرأة افريقية سبق وان اهانت كلبا من فصيلة الولف في مطار كوبنهاجن ، لان الكلب ظل يبحلق في وجه السيدة لفترة طويلة فما كان منها سوى ان بصقت في وجه الكلب ،وبعدها قامت قيامة صاحب الكلب واصحابه وطلبوا من السيدة ضروة الاعتذار للكلب ، نعم الكلب ابن الكلب ، ولكن صاحبتنا الافريقية ، ركبت رأسها الناشف ورفضت الاعتذار ، لسيادة الكلب المبجل ، وبررت تصرفها ، انها قبل ان تخرج مكرهة من بلادها كلاجئة الى اوربا ، ذاقت كميات هائلة من العذاب النفسي والجسدي بواسطة مجموعة من الكلاب السعرانة في السجن ، والله كلام .. وبعد ده كله كمان تعتذر للكلب ، روحوا الله يخيبكم ، وفي بريطانيا سبق وان احتفل المتقاعد بيرس سميث وزوجته فلورنس بالذكرى الثمانين لعلاقة زوجية لم يسمع فيها احدهما من الآخر عبارة زح من قدامي أو الله يقطعك حتت حتت بل كانت كلمة الاسف والاعتذار هي اللغة السائدة بينهما ، عموما نحن في حاجة الى تكريس ثقافة الاسف في الشارع السوداني ، نعم في الشارع السوداني ، تحت شعار آسف يا حبيب قلبي .