في حوار أجرته معه (الشرق الأوسط) قال علي محمود حسنين نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي إنه بدأ من لندن حملة لتأسيس جبهة عريضة تجمع كل السودانيين، بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية السابقة أو الحالية، هدفها الأول اسقاط حكومة البشير لأنه دكتاتور ومجرم على حد تعبيره- وقال إنه يزور الولاياتالمتحدة لكسب الدعم والتأييد لهذه الجبهة الجديدة. حينما سئل حسنين عما إذا كان يريد مساعدة من الحكومة الامريكية أو المنظمات الأمريكية، أجاب بالنفي وقال إنه يريد أن تكون جبهته بعيدة عن أي تأثيرات أجنبية، ولكن سرعان ما يقع حسنين في تناقض عجيب، عندما سألته الصحيفة عن موقفه من المنظمات الأمريكية التي تعادي الرئيس البشير، وتطالب باعتقاله ليمثل أمام المحكمة الجنائية الدولية، فأجاب بالإيجاب وقال (ما دمنا نريد أن يقف البشير أمام المحكمة نؤيد الذين يؤيدون ذلك).. ويبدو أن مُحاوره قد أصابته الحيرة من رده، فاستدرك عليه متعجباً قائلاً له: إن محمد عثمان الميرغني يتعايش مع البشير، وأنت نائب رئيس الحزب! فأجاب حسنين بالقول: عارضت الميرغني وأعارضه الآن وأقول ذلك علناً: ثم مضى يتهم حزبه بأنه كغيره من الأحزاب السودانية ليس فيه ديمقراطية وتسيطر عليه قيادات عقيمة تتوارث السيطرة جيلاً بعد جيل، الغريب في الأمر أن السيد نائب رئيس الحزب الذي كما قال في نفس الحوار إنه ولد اتحادياً، وسيموت اتحادياً، لم يكتشف طوال كل تلك السنين التي قضاها في هذا الحزب العتيق حتى وهن العظم منه واشتعل رأسه شيباً، أن الحزب الاتحادي الديمقراطي (ليس فيه ديمقراطية وتسيطر عليه قيادات عقيمة تتوارث السيطرة جيلاً بعد جيل) أخيراً جاب حسنين (الديب من ديلو) بهذا الكشف الذي ستسير به الركبان، ويشغل الساحة السياسية بالبلاد شمالها وجنوبها شرقها وغربها، فلا شئ يستحق الانشغال به غير هذا الكشف الكبير الذي يصغر دونه الاستفتاء وأمر الوحدة والانفصال. لكن الذي يدعو الى الرثاء على حال هذا الشيخ والذي ينشط في حماس لتغيير النظام من مقاهي (ادجوار رود) في لندن، هو أنه يريد تجريب المجرب وإعادة حجوة (أم ضبيبينة) على أسماع السودانيين، الذين أصابهم الملل والغثيان من سماعها طوال عقد التسعينيات من القرن الماضي وحتى منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة، حينما بيع التجمع نهاراً جهاراً من قبل الحركة الشعبية، وتفرق أيدي سبأ، وقد كانت تجربة التجمع لتغيير ذات النظام من دول جوار السودان وبذراع عسكري، وليس من لندن ورغم ذلك لم يفلح. أما الذي يدعو الى الضحك من بعد الرثاء على حديث حسنين ولم يستح منه، هو أنه قال إن قادة جهاز الأمن هددوه شخصياً ومباشرةً بأنهم سيقتلوه، وأن اخواناً له وزملاء نصحوه بأن يترك السودان! وطبعاً (الراقل ما كدبش خبروهوب على لندن) لينجو بالتولة العزيزة... بربكم هل هذا زعيم يستطيع أن يقود جبهة وكمان عريضة لتغيير نظام ظل في سدة الحكم أكثر من عقدين من الزمان، وخاض حروباً سياسية واقتصادية وثقافية وعسكرية شرسة في الداخل والخارج، ثم خاض أكبر معركة في تاريخه وهي معركة السلام و خرج منها منتصراً. حقاً إذا لم تستح فافعل ما شئت.. وقل ما شئت.