ما من والٍ يضاهي والي شمال دارفور عثمان كبر في ذيوع الصيت، وذلك أن كبر يعد من أكثر الولاة الذين طالت سنوات حكمهم مثله وأحمد عباس (سنار) ومحمد طاهر إيلا (البحر الأحمر) .. وبالقطع هذا ليس السبب الأوحد الذي جعل كبر من قيادات الإنقاذ المعروفة على المستوى الولائي. بل حزمة من الأحداث والتفاصيل التي ضجت بها فاشر السلطان جعلت كبر في واجهة الأحداث حتي تجاوزت شهرتة الحدود عندما كان له موقف شهير بشأن زيارة قامت بها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس للفاشر. هذا بخلاف الظروف نفسها التي جاء فيها كبر للحكم عندما قامت حركة التحرير بضرب مطار الفاشر وحرق طائرات ولم تُحل طلاسم تلك العملية حتى الآن ولم يزح الستار عن المتسببين فيها. فضلاً عن أن شمال دارفور شهدت صراعاً سياسياً هو الأشرس من نوعه بين الوالي وزعيم الإدارة الأهلية المعروف موسى هلال. كل ذلك وغيره من المسائل يجعل الأنظار تتجة صوب فاشر السلطان عقب اعتزام كبر إجراء تغييرات في حكومته، والتي بكل حال ستحظى باهتمام على مستوى المركز، خاصة وأن الأخير بات يتدخل بشكل كبير عند تعيين دستوريين بحكومات الولايات، وكان آخرها ما تم في ولاية الجزيرة. كبر من الولاة القلائل الذين ظلوا يحتفظون بوجوه بعينها في حكوماته المختلفة منذ وصوله لسدة الحكم في العام 2003، وإبقاء تلك الشخصيات فتح باب التساؤلات لمعرفة سر الطريقة التي يتعامل بها كبر في إدارته لشؤون الولاية وحول سبب بقاء شخصيات معروفة ظلت تتقلب في المناصب لعدة سنوات. حزمة من الاتهامات ظلت تلاحق كبر حول انحيازه لمن ينحدرون من عشيرته ومحاباته لهم على حساب آخرين، لكن ما من شك أن كبر بعد الأحداث التي مرت بها ولايته مؤخراً والتغييرات التي تمت على مستوى المركز بخروج الكبار أمثال علي عثمان محمد طه ونافع علي نافع، فإنه مطالب بتغيير سياسته على كافة الصعد، سواء على المستوي الحزبي أو التنفيذي، ولعل الرجل بخبرته حاول تجاوز تلك المطبات وإلقاء تلك الاتهامات عن كاهله، وقد حدث تغيير كبير وغير مسبوق على مستوى المجلس التشريعي الأسبوع الماضي، فقد غادر نائب رئيس المجلس الناظر / الصادق ضو البيت منصبه وهو ناظر عموم شرق دارفور وينحدر من ذات القبيلة التي ينحدر منها كبر، وشكل خروجه مفاجأة، لكن المفاجأة الأكبر كانت في تعيين امراة خليفة له وهو ماحدث لأول مرة في تاريخ الولاية، وهي صفية زين العابدين، كما طال التغيير كل رؤساء اللجان، وجدد المجلس التشريعي جلده بالكامل. أيضاً مضى كبر نحو المؤتمر الوطني وقام بخطوة لم نجد لها تفسيراً، حيث سمي نائبين جدد له وأصبح الوطني بثلاثة نواب، حيث جيئ بالوزير التجاني سينين وأبوبكر هارون بجانب النائب الموجود الهادي مصطفى، وحدث تغيير في عدد كبير من الأمانات ودخل أمناء جدد لأول مرة في الشباب (حمدي سنين) والمرأة (زبيدة سليمان)، وتوقع كثيرون أن يشهد الحزب حراكاًَ بعد التبديل الذي حدث. لكن ما من شك أن التحدي الحقيقي الذي سيجابه كبر سيكون في الجهاز التنفيذي، فمن الواضح أن المركز سيضيّق الخناق على كبر، وسيحاول أن يفرض وجوهاً جديدة من أجل إزالة حالة الاحتقان التي مرت بها الولاية بجانب محاولة إرخاء قبضة الوالي فالمركز بات غير راغب في تمدد الولاة أو ما يجلبونه من مشاكل. خصوم كبر يضعون وزير المالية د. عبده داؤود هدفاً لهم ويحاولون إبعاده لأنه يمثل العقل المالي والاقتصادي لحكومة كبر وظل من المقربين له، خاصة وأنه يتمتع بنفوذ قوي هناك وله علاقات ممتدة وقوية بالمركز مع جهات مالية واقتصادية وتنظيمية وحتى الأزمة التي مرت بالولاية واحتلال محليات قام داؤود بإدارة الأزمة من الخرطوم بتشكيل غرفة عمليات وإسناد للولاية، وبالتالي محاولة إبعاد داؤود تتطلب من المركز إجراء معالجات حقيقية له خاصة سبق وأن تم ترشيحه مع آخرين لتولي منصب رفيع بالمركز. بالنسبة للوجوه القديمة فهناك عدد منهم يتوقع أن يغادروا أو لنقل أن يضحي بهم كبر، على رأسهم معتمد الفاشر نصر الدين بقال الذي ظل يتقلب في المناصب لنحو ثمانية أعوام فكان وزيراً للصحة والإعلام ومعتمداً لأم كدادة وكذلك وزير الزراعة عيسى محمد عبد الله، وهو تربطه صلة قرابة بالوالي فكان نائب رئيس المجلس التشريعي ووزيراً للتخطيط وظل في الحكومة لأكثر من سبع سنوات، وذات السنوات أمضاها الهادي مصطفى (مستشار الوالي حالياً) وفي ذات الوقت هو نائب رئيس الحزب والتجاني سينين كان وزيراً ثم مستشاراً والآن بالحزب. وأيضا المستشارة حليمة تبن ليست قيادات الوطني بحكومة شمال دارفور طال بقاؤها على كراسي السلطة فهناك آخرون من أحزاب شريكة ربطتهم صلة وثيقة بكبر مثل وزير الثروة الحيوانية آدم هري بوش (حزب الأمة الفدرالي) الذي ظل بالحكومة لنحو ثماني سنوات. وخالد فقيري (حزب الأمة الفدرالي)، (وزير صحة، ثقافة وإعلام وأخيراً مستشار) فبوش وفقيري أمضيا أكثر من سبع سنوات. من الأسماء المحتمله أن تدخل الحكومة الجديدة يأتي في مقدمتهم حافظ عمر الفا الذي كان وزيراً هناك للثقافة والإعلام ووزيراً لعدة أشهر للشباب والرياضة وهو رئيس شباب آلية سلام دارفور ومقرر أمانة دارفور بالمؤتمر الوطني إبان فترة الوزير أزهري التجاني، الفا من مؤسسي الشرطة الشعبية وكان الرجل الثالث بها على مستوى المركز فضلاً عن توليه مهامها في شمال دارفور ثم في جنوب دارفور، وهو من أبناء الفاشر وأهمية ذلك أن بالمدينة دائرتين إحداها آلت للأمة الفدرالي وفاز فيها الوزير أحمد نهار ما يعني أن الوطني مطالب بتقوية موقفه في عمق الولاية الإستراتيجي، فضلاً عن أن حكومة كبر المقبلة تتطلب عناصر ذات خلفية عسكرية ومتمرسة على العمل التنظيمي، ولذلك برز أيضاً اسم أحمد أفندي رئيس اتحاد طلاب جامعة الفاشر، مفوض مفوضية التنمية والإعمار حالياً، وكان مدير مكتب والي الولاية السابق إبراهيم سليمان. ومن الأسماء المطروحة أيضاً العميد شرطة آدم إبراهيم - المرور السريع - وكان في قنصلية السودان بالسعودية.