سيداتي آنساتي سادتي ، يسرني أن أنهي إلى علمكم أن اللباقة و (اللهج السمِح ) ، فن و إبداع و حنكه ، إذ تفاجأني وجوه كل يوم على أجهزة الإعلام المختلفة ، مقروءة و مسموعة و مرئية و هي تلقي القول على عواهله في شتى مناحي الحياة و التخصصات المختلفة ، و هم في هذا الإتجاه يفتون بلا حياء ، و يجدون في الإعتذار عن إجابة ما لا يفقهون هواناً و نقصاً فيقولون ما يضحك أهل العلم و العارفين و المتخصصين في الموضوع ، و مما يزيدني غيظاً و ألماً تلك الطريقة التي يشوبها الصلف و الإصرار في الإدلاء بمعلومات غير مؤكدة عن الموضوع ، كما أنهم في اغلب الأحيان يطلقون الأحكام البائنة و الباته و المطلقة بالقدر الذي يضلل الرأي العام و خصوصاً للذين ينبهرون بالجوانب الشكليه في الأشياء و يركزون على القشرة و البهرج على حساب المضمون ، و للحقيقة فإن عهوداً ماضية تميزت بسوء منتوجها الأدبي و العلمي و الثقافي كان السبب في وصولها إلى هذا الدرك عدم إهتمامها بتخصص و إنتماء القائمين فيها بأمر الثقافة والفنون إلى الأوساط الفنية و الأدبية حتى يكونوا قادرين على معرفة الغث من الثمين و الصالح من الطالح ، و هذا ما نحن فيه الآن ، إذ أن مدراء البرامج في الفضائيات و الإذاعات ورؤساء الصحف مسئولين مسئولية أساسية عن تقويم أمر ما يُبث عبر منافذهم الإعلامية من خلال التأكد من شخصيات المستضافين في في تلك البرامج و مناسبة تخصصاتهم و عطاءهم بالموضوع المراد مناقشته أو تسليط الضوء عليه ، فكم من لقاءات و برامج أحرج فيها الضيف مضيفه بفهم خاطئ للسؤال أو جر النقاش لتصفية خلافات شخصية بينه و بين الهيئات و الأشخاص الذين لا يتوافقون معه في وجهة النظر ، هذا بالإضافة إلى الحديث عن الأشخاص العاديين و المعنويين بما يسيء و يحرج المؤسسة الإعلامية وإدارتها ، و للحقيقة في هذا إستسهال للتجهيزات القبلية التي يجب أن تصاحب إنتاج الأعمال الإعلامية على كافة مشاربها ، وهو أحد تداعيات تدهور تخصص وحدات ( إعداد البرامج ) بالفضائيات و الإذاعات ، و التي أصبحت في زماننا هذا تعج بعدم المتخصصين في المجالات المختلفة ، و بذلك نجد المبدعين و المتخصصين في مواضيع كثيرة قابعين في بيوتهم يعانون الإهمال و قلة الإهتمام و ضياع الحقوق سواء أن كانت مادية أو معنوية ، بينما أنصاف الأدباء و الفنانين و المثقفين يستحوذون على الدرجات العُلى في الإحترام و التقدير و الإهتمام وكثرة إلتفاف الأجهزة الإعلامية حولهم ، و ذلك لعمري بغيرما أداء أو منتج فني يلفت الأنظار ، و ليس لأولئك الأدعياء من أداة تساعدهم على التغلغل و التسلق غير إتساع غربال التمحيص و التدقيق في أجهزتنا الإعلامية بالإضافة إلى عدم تخصص القائمين على إدارتها فضلاً عن بعدهم عن الأوساط الأدبية و الفنية و الإبداعية و الثقافية .