ويكتب راتباً وفي أناقة عبارة.. وفراشات حروف ملونة.. وبهاء وجزالة مفردة وعلى صفحات «اليوم التالي» المتلالئة اللواء الركن يونس محمود.. وقبل الركض حفاة.. على عشب بستانه الأخضر.. نستميح سعادته عذراً.. لنقول لأحبتي وأصدقائي وأساتذتي في ساحتي «شمس المشارق» إن هذا الجنرال هو باعتبار ما كان هو «المقدم يونس محمود» الذي كان أشهر من علم على رأسه نار.. فقد كان هو من كان يخاطبنا من «دغش الرحمن» وقبل أن نشرب الشاي بحديثه الذي يستهله أبداً ب«أيها الشعب السوداني البطل».. الحقيقة كان يمطرنا نحن الذين «باغتتنا» الانقاذ.. ونحن في الضفة الأخرى وفي «قبالتها» تماماً كان يمطرنا بكثافة نيران هائلة.. ومن كفاءة وفعالية ذخيرته فقد كانت تتساقط بعض مقذوفاتها وطلقاتها بل وداناتها خارج أسوار الوطن بل أحياناً كانت تعبر الأطلنطي وترشق حتى «البنتاقون» بل تصل حتى الحجرة البيضاوية في بلاد اليانكي.. نأسف للتطويل في التعريف.. وعجيب أمر هذا الوطن.. أن تعرف لواءً ركناً هو الآن بمقدم في سالف زمان.. توقفت طويلاً.. بل قرأت أكثر من مرة.. وفي متعة.. وكأني أقرأ قصيدة للدوش.. أو محجوب شريف.. أو السفير «ود المكي» هؤلاء أقرأ ما يكتبون ألف مرة «في اليوم».. المهم قرأت «عموده» الذي يحمل اسم «من أجل الوطن» والذي كان تحت عنوان «الانقاذ.. وقفت بها من بعد 25 حجة».. لست أدري لماذا طافت بذهني ثنائية «عزمي أحمد خليل» والرقيق الأنيق «هاشم ميرغني».. وأنا أحس وأرى أن الأسى «يسيل من حروف الجنرال يونس».. ثم تيقنت إن أمر وأقسى هزيمة عبر كل التاريخ.. هي عندما ينهزم الانسان في قصة حب.. أو أن تنهزم الفكرة.. وتتسرب أو تتبخر الآمال أو أن تستشهد الأحلام.. وتموت المشاريع التي تحتشد بها الصدور أو حتى تلك التي في الخيال.. يكتب عزمي أبداً لحظة الهزيمة.. يخاطب في وجع الحبيبة.. ينعي في نحيب بل في عويل «قصة حب طويلة» ولكن لأن نبلاً يملأ صدره حتى يتدفق.. يرجو لها في آخر «الأغنية» «كل الأماني الخدرت» ومن فرط حبه رغم الهزيمة والوداع والفراق والرحيل.. هذا تماماً ما ينطبق على الجنرال يونس.. هذا تماماً ما تنطق به كلمات «العمود».. أورد لكم يا أحبة.. كلمات استهل بها الجنرال يونس مقاله.. بل هي وردة الأمل التي تضيء في إبهار وجه عروس تنظر في فرح وتفاؤل إلى بهجة ودهشة المستقبل.. كتب الجنرال بل صور كيف أنهم أو «هو» كانت تداعبهم أحلام شاهقة وآمال أعرض من محيط الباسفيكي.. وكيف أنهم سوف يضعون السودان في المجرات البعيدة حيث لا أمنيات تخيب ولا كائنات تمر.. إلى الفقرة.. «ولكن الأنفس التي تهيأت وتعبأت من مدرسة الجهاد والوقوف في وجه الباطل والصدع بكلمة الحق وشوق الانتساب لكل من سبق في هذا الدرب تمكيناً لرايات الاسلام واعلاء لكلمة الله ونشراً لقيم العدل وصوناً لكرامة ما كان لها أن ترغب بأنفسها عن تمكين دولة الاسلام من حالات الاستضعاف إلى السلطة والقوة.. ليصبغ وجه الحياة بزينته وينشر ظلال عدله ليفيء إليها كل محرور وستخرج كل خبيئة كنز تركه أب صالح «من السالفين» ويزاحم رايات الدول براية اسلامية وضيئة الوجه وفصيحة اللسان.. ثاقبة الفكر صميمة الإرادة». «شفتو» هذه الأشواق الشاهقة والآمال الهائلة «كيف». والآن يا أحبة إلى آخر كلمات العمود وهي مجللة بالأسى متسربلة بالأسف يكتبها «الجنرال» وأظنه كتبها من محبرة الدموع.. أو بحيرة النزيف.. فقد كتب «هذه فقط مفردات وشوارد من جدول أحداث ثورة الانقاذ في عيدها الخامس والعشرين أو قل «ذكراها» لأن أحداً لا يجرؤ الآن أن يحتفل بعيدها». بكرة نتلاقى