استوقفني مؤخراً خبر أو تصريح لست ادري جاء على لسان البروفيسور إبراهيم غندور مساعد رئيس الجمهورية. نائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب جاء فيه انه لا يستبعد عقد اجتماع عاجلاً بين الرئيس عمر البشير والقوى السياسية المشاركة في الحوار، وذلك لتحديد ميقات الانطلاقة الحقيقية للحوار الوطني. واتهم البروفيسور غندور البعض بأنهم يغردون خارج السرب، وانهم يصطادون في الماء العكر بالربط بين اجازة التعديلات على قانون الانتخابات، ومشروع الحوار الوطني واستطرد قائلاً: إن التعديلات جاءت لمصلحة القوى السياسية الصغيرة ويأتي هذا خصماً من رصيد القوى الكبيرة، ولعلي أتوقف هنا قليلاً - واسأل لماذا الخصم من القوى الكبيرة والاضافة للقوى الصغيرة؟ ومعلوم أن الاخيرة لاتتمتع بأي ثقل جماهيري .. اذاً لماذا الخصم والاضافة؟ بل ولماذا جاءت التعديلات من (أصلو)؟ ومن الذي طالب بها؟ في هذا الوقت العصيب من تاريخ البلاد خاصة وأن البلاد تواجه الآن تحديات لاساحل لها وذلك على الصعيد المحلي والقاري والعالمي.. فعلى الصعيد المحلي تواجه البلاد مشكلات اقتصادية معقدة، ربما تفضى الي ارتفاع درجة الزئبق في ميزان حرارة المشهد السياسي الى اعلى الدرجات، ورغم ارتفاع درجة حرارة الجو المناخي والسياسي المتمثل في ردات الفعل التي استصحبت اعتقال الامام الصادق المهدي التي كان لها مابعدها حتى بعد اطلاق سراحه، والمسألة لم تتوقف عند هذا الحد، وانما كان هناك وراء الأكمة ماوراءها، حيث يدبر أعداء الحوار لطمة اخرى لحزب الامة القومي، حيث أنهم يطالبون بتحريك اجراءات قانونية ضد الاستاذة سارة نقدالله الامين العام لحزب الامة القومي.. وذلك على اثر البيان المشترك بين حزب الامة القومي والحركة الشعبية قطاع الشمال الذي جاء فيه اتهام للقضاء السوداني بعدم القدرة على تحقيق العدالة، والتشكيك في نزاهته، ولعله واحقاقاً للحق فان هذا الاتهام وذاك التشكيك في نزاهة القضاء السوداني مرفوض جملة وتفصيلاً، وبالرغم من أن الاستاذة سارة نقدالله قد جانبها الصواب في هذا الأمر، إلا أن توجيه لطمة اخرى لحزب الأمة القومي هو أمر مرفوض ايضاً.. فالمناخ السياسي العام اصبح لايحتمل العواصف الرعدية ولا العواطف السوداوية، حيث أن مطلوبات المرحلة هي التهدأه وليس المراوحة على أرجوحة من النار. أما على الصعيد العربي فإننا نمتدح موقف جامعة الدول العربية الداعم للحوار، وعلى الصعيد القاري نمتدح موقف الاتحاد الافريقي الداعم للحوار ايضاً. أما على الصعيد العالمي فاننا نشجب وبشدة مواقف بعض الدول الغربية التي تعمل على عرقلة الحوار بين الحكومة والقوى السياسية.. بالإضافة إلى غموض وتناقض دول (الترويكا) التي تتحدث في العلن عن دعمها للحوار.. وفي الخفاء تبدي دعمها وتحيزها للفصائل المتمردة.. وقد جاء واضحاً في البيان الذي صدر مؤخراً من دول خارجية الترويكا المكونة من امريكا وبريطانيه والنرويج حيث انها تدلل وتضع الفصائل المتمردة (على الحجر) وتقدم الدعم والسلاح، وتتبنى مواقفها عبر الترسانة الاعلاميةالغربية والشبكة العنكبوتية الدولية. إننا كسودانيين و(أولاد بلد) نتبنى موقفاً موحداً تجاه موقف دول الترويكا من الحوار والعمل على عرقلتة، وسلخ فروة رأسه.. لأننا في النهاية نتكيء على موروث ثقافي أصيل تقول أبجدياتة (أنا وابن عمي على الغريب).. وهذا الموروث الثقافي ورغم التباين في درجة القبول أو الرفض للنظام الحاكم إلا أنه لايغيب صوت العقل حينما تواجه البلاد اي تحدي خارجي.. وخير مثال لذلك هو ذاك الموقف التاريخي النبيل حينما تواضعت الأمة السودانية على قلب رجل واحد تجاه أزمة ««اوكامبو» التي اختلقها مع محكمة العدل الدولية التي أرادت الإساءه للسودان في شخص رئيسها المشير عمر البشير، ولكن ليس معنى ذلك أن هذه الجماهير النقية الطاهرة أن يرد لها الجميل بأمر ليس جميل، حيث أنه ينبغي أن تكون هناك رؤية استشرافية ل(أدب الخلاف) الذي يقول عنه موروثنا الثقافي: إن إختلاف الرأي لايفسد للود قضية. استثماراً للمقولة الآنفة الذكر على النظام الحاكم أن يتبادل الود مع الجماهير العريضة وذلك باحترام (العقل الجمعي).. وتوفير أكبر قدر من الحريات والتناغم الفوري مع المطلوبات الحياتية للضامرين المسحوقين القابعين على ارصفة (المسغبة) في انتظار(جودو) الذي يطول انتظاره، وحينما يأتي يتفاجأ الكل بأنه يأتي بلا رأس.. ومعلوم أن الجسد بلا رأس هو جيفة بلا عقل. وياصحابي اي عقل ذاك الذي يمثل هرطقة مجلس تشريعي ولاية الخرطوم الذي فكر مجرد فكرة في أن يرفع (تعرفة) المياه في ولاية الخرطوم الي 300%....؟ والغريب أن مقر المجلس يقع على مرمى رصاصة من النيل الأزرق النبيل وعلى بعد(فركة كعب) من النيل ذاك النهر الخالد سليل الفراديس وجنة الخلد.. رحم الله شاعرنا الراحل التجاني يوسف بشير الذي غنى للنهر الخالد، وماكان يدور بخلده أن النهر الخالد سوف يكتوى يوماً بنار(الجمرة الخبيثة) وليس هذا فحسب!! وإنما جاء زمن اصبح فيه ماء النهر الخالد يعبأ في قارورات يصل ثمنها الي ثمن المياه المعدنية او (الحاجة الباردة) .. يآخي والله حاجة باردة .. حاجة تكسف .. حاجة(تفشفش الفشفاش) وتخلى ناس الخرطوم عموم يفكروا في الهجرة والإغتراب..! وقديماً قال سيدنا على بن ابي طالب كرم الله وجهه (المال في الغربة وطن، وقلة المال في الوطن غربة).. ورغم هذا وذاك فإننا في النهاية نشيد بقرار والي الخرطوم الذي يقع المجلس التشريعي لولاية الخرطوم ضمن مسؤلاياته الجسام بإطلاق سراح النيل من اعتقاله القهري، ومن النظر إليه إلا من (وراء حجاب) ويتمثل ذاك الحجاب في قاعة الشهيد .. نسأل الله الرحمة للشهداء، وهم يرفلون في نعماء حواصل طير خضر.. ولسيدي الوالي الخضر والمجلس التشريعي الف .. الف تحية موشاة بفوح العطر.