* تخرج السفير د. خالد محمد فرح في كلية الاداب قسم اللغة الفرنسية بمرتبة الشرف من جامعة الخرطوم في عام 1984م .. التحق بالخارجية من بداية السلم في وظيفة - سكرتير ثالث - في عام 1986م. تقلّب بين وظائف مختلفة فيما بين بعض الإدارات بديوان الوزارة العام بالخرطوم ، وعدد من سفارات السودان بالخارج ، فضلا عن الانتداب للعمل بتجمع الساحل والصحراء بطرابس ، واكثر من مرة للعمل برئاسة الجمهورية.. وعمل سفيراً للسودان بالسنغال خلال الفترة من فبراير 2009م وحتى يونيو 2011م ، ثم نُقل مباشرة إلى باريس سفيراً ، ومندوباً دائماً لدى اليونسكو خلال الفترة من يوليو 2011 وحتى يونيو 2013م. وخلال فترة عمله بالسنغال ، عمل سفيراً للسودان معتمداً لدى كل من: ساحل العاج ، مالي ، غامبيا ، بوركينا فاسو ، غامبيا ، غينيا بيساو ، وجزر الرأس الأخضر.. أصدر عدداً من المؤلفات ، وهو كاتب مهتم بالآداب والعلوم الإنسانية. * أول ما لفت نظري في رمضان في السنغال ، أن السلطات المعنية بتحري رؤية هلال رمضان ، وكذلك شوال ، والإعلان عنها ، كأنت تتبع قاعدة غير مكتوبة ولكنها شبه ثابتة ، وهي الصيام في اليوم التالي مباشرة لليوم الذي تعتمده سلطات المملكة االسعودية في حالتي الصيام والفطر. علماً بان حوالي 95% من سكان السنغال البالغ تعدادهم قرابة ال 14 مليون نسمة هم مسلمون ، إلا أن القرار الحقيقي في سائر الشؤون الإسلامية ، بما في ذلك مسألة الإعلام والإيذان بالصوم أو الفطر ، يبقى هو قرار القادة والزعماء الروحيين للطرق الصوفية الرئيسية التي تهيمن على المشهد الديني والاجتماعي والثقافي الشعبي في السنغال. وهؤلاء جميعهم يعتمدون الرؤية البصرية فقط للهلال كل في نطاق طائفته وبين أتباعه ، ولكنهم عموماً يميلون إلى التوافق كما أسلفنا ، بجعل يوم الصيام والفطر هو اليوم التالي لذلك الذي تحدده السعودية. ويضيف خالد كذلك مما لفت نظري بشدة في رمضان في السنغال ، الإقبال الهائل والملفت للنظر من النساء من مختلف الأعمار ، على أداء صلاة التراويح في المساجد. * أما طبيعة رمضان في السنغال ، يلاحظ المرء ويشعر بلطافة الأجواء الروحية مع ما يصحبها من ذكر وعبادة وتلاوة ، وأهازيج دينية شجية. وأما عن الأجواء الطبيعية ، فالبلاد تتمتع في سائر السنة بجو لطيف ومعتدل. أما بالنسبة لطول يوم الصيام أو قصره ، فلحسن الحظ أنه قريب جداً من الوضع في السودان. ويبقى الفرق في التوقيت فقط ، ففي حين ان السودان يعتمد توقيت قرينتش مضافاً إليه ثلاث ساعات ، نجد التوقيت في السنغال هو توقيت قرينتش نفسه . وبالنظر إلى هذه الأسباب والعوامل مجتمعة ، تأقلمت بسرعة شديدة مع الصيام هناك. * بالطبع هنالك أوجه شبه كثيرة جداً بين رمضان في السودان والسنغال ، وذلك عائد إلى وجه الشبه الأكيد القائم بين مجتمعي البلدين ، من حيث أن كليهما مجتمع مسلم سني مالكي ، وإفريقي وساحلي وسوداني الهوية الجغرافية والثقافية ، علاوة على التأثير الكبير للطرق الصوفية عليهما. كذلك يتشابهان في تناول بعض المشروبات ، مثل الكركدي ، والتبلدي الذي تنمو أشجاره بكثرة ملحوظة في السنغال ، حتى أن الشعار الرسمي لهذه الدولة نفسها هو شجرة التبلدي ، وكذلك التمر هندي أو ما يعرف في السودان ب - العرديب - ، الذي يعرف في لغة - الولوف - وهي أكثر اللغات انتشاراً في السنغال ب - دَخَر - بفتح الدال والخاء ، وبلغنا أن اسم العاصمة - داكار - نفسه مشتق من - دخر - أي شجرة العرديب نفسها. بيد ان السنغاليين ، وخصوصاً في داكار ، لا يميلون إلى الأكل كثيراً في وجبة إفطار رمضان ، وإنما يكتفون بتناول كوب من المشروبات الساخنة مثل القهوة او الكاكاو او الحليب ، مصحوباً بقطعة من الخبز العادي او المحمص أو الكيك. ثم ينطلقون بعد ذلك لأداء صلاتي العشاء والتراويح. وبعد عودتهم إلى بيوتهم ، يتناولون وجبة عشاء جادة ودسمة تتكون عادة من أطباقهم التقليدية مثل: السمك المطبوخ مع الأرز والخضروات ثم يعبّون بعد ذلك أقداحاً كثيرة من الشاي الثقيل والحلو المذاق جدا الذي يعدونه على الطريقة الموريتانية أو ما يعرف با - الأتاي - . وشد ما أدهشني في عادات السنغاليين وثقافتهم الغذائية وخصوصا في داكار، أنهم لا يكادون يعرفون العصيدة التي هي طعام سائر الأفارقة في الحزامين الساحلي والسوداني على الأقل. . * بالنسبة للوجود السوداني في السنغال ، فإنه للأسف وجود ضئيل جدا لا يتعدى أعضاء البعثة الدبلوماسية وأسرهم بصفة أساسية، بالإضافة إلى منسوبي فرع شركة - سوداتل - المعروفة هناك باسمها المحلي - اكسبرسو سنغال - ، من مهندسين وموظفين وأسرهم التي لا يزيد عددها على أصابع اليد الواحدة. أما برنامجهم في رمضان ، فقد ساعد صغر عددهم على حضهم على الترابط والتلاحم والتواصل الحميم فيما بينهم ، بحيث ان أكثر من نصف الشهر الكريم تقريباً ، يقضونه في تلبية دعوات إفطارات جماعية بحضور الاسر بالتناوب بين بيوتهم ، فضلاً عن حرصهم على أداء صلاة العشاء والتراويح جميعهم في مسجد واحد بعينه. وهنالك تواصل محدود مع السنغاليين في رمضان ، بسبب اختلاف عادات ومكونات المائدة بين البلدين فيما يلي وجبة الإفطار تحديدا. * وبالنسبة للطقوس السنغالية في رمضان ، لاحظت أيضاً ان السنغاليين ، وخصوصاًالموسرين منهم ، يذبحون الذبائح إبتهاجاً بقدوم رمضان ، وكذلك في يوم عيد الفطر نفسه. على ان عادة الخروج بموائد طعام الإفطار إلى الشوارع والساحات العامة، كما هو الحال في السودان، فليست موجودة عندهم