تتوالى تصريحات المسؤولين من الشريكين بشأن الاستفتاء الذي أصبح مصدر أرق بين قطاعات الشعب السوداني في الشطرين الشمالي والجنوبي على السواء، بغض النظر عن ما سيسفر عنه وحدةً كانت أم انفصالاً. وهذا الوضع فرضته حالة المسؤولين في الجانبين، والذين يتوجب عليهم طمأنة مواطنيهم وبث روح الوطنية فيهم بعيداً عن التصريحات التي لا تسمن ولا تغني من جوع سوى تأجيج المشاعر العدائية بين المواطنين الذين سئموا العنف والحرب، وكل ما يدور في هذا المنحى بسبب ما عاناه المواطن وما يعانيه الآن في سبيل الحياة.. وله في الأيام الفائتة مثل حي في «شيلي» التي وقفت على قدم وساق في سبيل إنقاذ عمال المنجم بعشرات الآلاف من الدولارات.. وهذه النزاعات السياسية «ما بتنفع في البطن الجعانة»، لأن المواطن لا يبتغي غير الطمأنينة- الأمنية والغذائية- ويجب أن تكون أولويات الشريكين هي المواطن نفسه، وقبل كل شئ، لنثبت أننا من أميز شعوب العالم في التعايش مع بعضنا ومع غيرنا، وأكثرها تسامحاً وتضحيةً.. والابتعاد عن كل ما يفضي إلى فوهة البندقية التي لا تبقي ولا تذر، والتي سبق لها أن عجزت عن حل المشاكل.. وهذا لا يتأتى إلا بإبعاد الغرباء الذين يزيدون النار اشتعالاً، وهم ليسوا بأحنَّ على أرضنا وشعبنا و وحدتنا منَّا.. و واجب جميع المعنيين من الساسة أن يحصروا قضايا الوطن فيما بينهم وأن يعملوا بالمثل القائل ال«ليك ليك كان لبن عشر سوي في عينيك»، فكل ما نتمناه أن يسبحوا مع تيار مصلحة الوطن والشعب، وأن يقدم كل طرف المزيد من التنازلات لإغلاق باب التدخلات و«الأجاويد» ذات الطبيعة «المنافقة».. وأن نجعل العقول التي ميز الله سبحانه وتعالى بها البشرية متسعةً سعة المليون ميل مربع، مستوعبة كل صغيرة وكبيرة يمكن أن تزعزع الأوضاع أمنياً وإنسانياً قبل النظر إلى التقسيمات السياسية.