كثيراً ما تصطدم أبجديات ومعطيات الأصالة في عصرنا الحاضر الذي يعج بكثير من المفارقات، مع أساليب ومخرجات المعاصرة التي استحدثت كثيراً من الوسائل والآليات التي في ظاهرها يتجافى الانسجام بينها وبين تراثنا وتاريخنا الإسلامي الأول إلا في حالة جامعة أم درمان الإسلامية، التي اعتقد أنها تفوقت على رصيفاتها من الجامعات السودانية الأخرى، بل العربية والإسلامية إن لم أكن مبالغاً في ذلك، وذلك لأن الجامعة الإسلامية وبحمد الله استطاعت المزج بين مرتكزات الأصالة العلمية المتمثلة في الدراسات الإسلامية، واللغة العربية، وعلوم العقيدة، والسيرة النبوية، والفقه، والعبادات، وبين معطيات العصر الحديث من اتصالات وفضائيات وأجهزة تكنولوجية متطورة التي يحتاجها العلم الوضعي، مما أعلى من قيمة رسالة الجامعة وأهدافها النبيلة وأعطاها البعد الشامل لكل متطلبات الحياة المعاصرة. فجامعة أم درمان الإسلامية تعتبر الجامعة الوحيدة من بين الجامعات السودانية إن لم تكن العربية والإسلامية التي مرت بكل مراحل التطور التقليدي من دروس في المنازل إلى حلقات علم في المساجد، ومن كلية إلى كليتين، وأخيراً إلى 91 كلية تدرس كل العلوم التي يحتاجها طالب العلم، من علوم تأصيلية، إلى علوم وضعية، وهي الجامعة الوحيدة التي اعتمدت على عبقرية العلماء والشيوخ وحفظة كتاب الله منذ نشأتها في العام 0091م أمثال الشيخ محمد البدوي، والشيخ أبو القاسم هاشم، والشيخ النذير وغيرهم، وعلى مبتكرات وابداعات علماء العصر الحديث الأفذاذ من علماء الشريعة، والإدارة، والمحاسبة، والاقتصاد، والهندسة، والزراعة، والطب، والصيدلة، والتي أبرزت تميزها الدعوي والعلمي في جميع الأصعدة المحلية والاقليمية والعالمية.. فلا تخلو مؤسسة أو ولاية أو دولة عربية كانت أو إسلامية أو غربية من واحد أو أكثر من خريجي جامعة أم درمان الإسلامية الهرم. فالتحية لجامعة الأصالة والمعاصرة والتميز العلمي وهي تنطلق نحو آفاق ا لتطور العلمي المنشود، ومواكبة الرقي العالمي بتنظيمها لمؤتمر المناهج الثاني في يومي 71- 81 ديسمبر الجاري برعاية وتشريف الفريق أول ركن بكري حسن صالح النائب الأول لرئيس الجمهورية بقاعة الصداقة بالخرطوم. هذا المؤتمر الذي يهدف إلى مراجعة وتقويم المناهج الدراسية بكل كليات الجامعة، وفق المعايير العالمية لطرق التقويم والاعتماد، وكذلك ترقية أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، الذين يقع عليهم العبء الأكبر في عملية التطوير هذه والتي تقود في النهاية إلى تخريج طالب رسالي مؤهل يؤدي دوره على أكمل وجه تجاه أسرته ومجتمعه، لا سيما أن هذا المؤتمر الذي كان نتاجاً ل32 ورشة علمية كبرى يشارك في تقديم ومناقشة أوراقه العلمية التي تبلغ 02 ورقة أكثر من 52 خبيراً عالمياً من مختلف الدول العربية والإسلامية من مصر، ليبيا، العراق، الأردن، اليمن، تونس، المغرب، نيجيريا، اندونيسيا وماليزيا. آملين أن يعينهم الله في الخروج بتوصيات بناءة وهادفة، تخدم العملية التعليمية بالجامعة الإسلامية بصفة خاصة، والجامعات السودانية الأخرى بصفة عامة. والله الموفق