غمرتني السعادة وأنا أتابع مبادرة مميزة للغاية اطلقها ناشطون من الشباب تناهض تداول «النكات» العنصرية الموجهة لأي قبيلة أو اثنية، وتنفيذ حملات توعية ومحاضرات لتسليط الضوء على هذه القضية التي شملت ايضاً مناهضة نكات ذات طابع آخر مثل التي تهين المرأة وتسخر من ذوي «الإعاقة» وغيرها من السلبيات التي تتفوه بها الفرق الكوميدية التي انتشرت مثل انتشار النار في الهشيم. نعم نحن ضد الضحك على أي قبيلة في ربوع بلدنا الحبيبة أو أي معاق أو حتى «المساطيل»، فكيل النكات المنحدرة مثل السيل من هذه الفرق الكوميدية ضحكاً في القبائل صنع جفوة بين هذه القبائل واظهرت افرازات سا لبة للغاية بعضها غير محسوس والبعض الآخر محسوس جداً والأمثلة على ذلك كثيرة وخير مثال لها نكتة «أهل العوض» التي اصبحت مثل الهاجس لأهلنا في ولاية الجزيرة، والقرى المجاورة لها، رغم تبريرات أهل واعضاء هذه الفرق الكوميدية لها ولكنها غير مقنعة، خاصة وان شخصاً قتل من قبل بسببها، وفجرت العديد من المشاكل وباتت غير مرغوب فيها على الإطلاق. وبكل صراحة نكات الفرق الكوميدية الموجهة للقبائل والاثنيات أدّتْ لتعميق أزمات المجتمع السوداني كثيراً، فبدلاً من أن تصنع الفرحة والضحكة وتزرعها في ابناء شعبه، زرعت نوعاً من الغبن بينهم، وساهمت في تفشي العنصرية والازدراء بالآخرين، وشوهت ثوب المجتمع السوداني ناصع البياض بالاستهزاء من بعض الاثنيات والجهات كما قلنا مسبقاً.. وباتت تشكل عاملاً مساعداً في قتل الهمم وتشتيت المجتمع، وزرع الفتنة، والحقد بين طبقاته وجهاته، فأنا لا أود ان اتحامل على هذه الفرق ولكن سلبياتها اكثر من ايجابياتها. دهشت اكثر وانا اطالع تبريراً غير موفق على الاطلاق ادلى به الكوميديان محمد موسى ا لذي يعتبر عراب هذه الفرق الكوميدية واشهر مؤلف للنكات المتداولة، وهو ينفي تهم زرع الفتنة والقبلية برد غريب جداً قال فيه: «ما نقدمه ليس موجه ضد قبيلة لصالح أخرى، ونحترم وجهات النظر المختلفة لكن لا يمكن القول إن اسباب تفشي القبلية يعود لهذه النكات، فهذه أزمة تاريخية مرتبطة بأسباب سياسية».. ما هذا الحديث الغريب وغير الموفق وغير المقبول يا عزيزي محمد موسى وفتح عليك ابواب سيل من الأسئلة الحائرة على مصراعيها، وتبحث عن ردود سريعة خلاف ردودك واجاباتك الفطيرة تلك.. إذن بم نسمي نكاتكم في القبائل تلك يا عزيزي محمد موسى!!.. هل هي ترفيه تضحكون فيه على هذه القبائل أم ماذا؟.. واذا لم تساهموا في تفشي القبلية كما قلت فماذا تسمي الشخص الذي قتل بسبب نكتة «أهل العوض»!!.. وماذا يمكن أن نقول غير إنها اسهمت في زرع القبلية والعنصرية اكثر..؟! أم أنكم لا تعرفون قدر رسالة الفنون جيداً وتأثيرها على الشارع العام!!.. وقلت يا صديقي محمد موسى «بأن تفشي القبلية هو أزمة تاريخية مرتبطة بأسباب سياسية» فهل يا عزيزي مهمة الفنون الحقيقية معالجة جراح ونكسات واخفاقات السياسة متى ما وجدت أم تعميقها اكثر وزيادة هذه الازمات بمثل نكاتكم السمجة تلك!!.. فهل القصد من هذه النكات القبلية اضحاك الناس أم الضحك عليهم عبر الاستهزاء بقبائلهم واجناسهم المختلفة.. وما هي رسالتكم في الأساس هل هي سد الفجوات المجتمعية أم تعميقها أكثر؟.. عفواً محمد موسى فقد جانبك الصواب في تصريحك هذا وكان الصمت خيارك الافضل بدلاً من هذا الكلام الفطير. عفواً سادتي اعضاء الفرق الكوميدية لا اود بكل تأكيد تجريحكم ولكن الواقع يقول بأن زمن النكات على هذه الشاكلة اصبح مضر وضرره بالغ على المجتمع السوداني والجمهور بات غير راغب فيها لذلك كفوا عن هذا العبث بالضحك على القبائل.. واتجهوا لأعمال تفيد وتنفع المجتمع خاصة واننا لا نشكك مطلقاً في موهبتكم. ٭ خارج النص: غداً نتحدث بالتفصيل عن مهازل تتويج البعض للفنان محمد النصري كنجم للعام بصورة مضحكة ومثيرة للاشمئزاز فهو عطاء من لا يملك لمن لا يستحق.. ولا يعدو عن كونه اختيار منافع ارتجالي.. عفواً ماذا قدم محمد النصري لتتوجوه بخزعبلاتكم تلك وعلى ماذا استند هذا الاختيار. و.. و.. و... وبيك اصبح عمري باسم يبقى قلبك لي مقاسم