في تحية رجل الأمة العربية مشاركة الجيش السوداني في عملية (عاصفة الحزم) ضمن تحالف عربي بقيادة السعودية تعتبر المشاركة الثانية لجيشنا العظيم، والذي يعتبر مؤهلاً للقيام بها لخبرته الطويلة في قتال التكوينات المسلحة التي تشبه في طبيعتها تنظيم الحوثيين، وفي تضاريس وعرة داخل بطون الغابات وجوف العتامير وأعالي الجبال في الكراكين، عوضاً عن الأرض المنبسطة. وربما يكون جيشنا من هذه الناحية متميزاً على كل الجيوش العربية من حيث التجربة التي لم تتوفر لغيره، ولذلك من المتوقع أن يلعب دوراً متقدماً في هذه العملية ليرفع اسم السودان عالياً في المحافل الدولية والاقليمية.. لكن قبل ذلك دعونا ننظر للأمر في مجمله وفي إطار تحيتنا لرجل الأمة العربية الملك سلمان الذي أطل علينا بعد طول فراغ في القيادة العربية، بعد رحيل عبدالناصر والملك فيصل، وقد تمثلت بداية النهاية لمرحلة الفراغ القيادي تلك باحتلال العراق للكويت فتلفت العالم العربي حوله ووجد أن وفاضه خالٍ من الحكمة ومن الوحدة والقوة التي تجبر صدام على الخروج من الكويت دون تدخل دولي، لأن الجامعة العربية ككيان اقليمي اختارت أن تكون بلا أنياب، وكمنتدى دوري لتبادل الحديث الفارغ، منذ ذلك التاريخ الذي ضرب فيه صدام الوحدة العربية في مقتل، وذبح بخنجر الاستبداد فكرة القومية العربية، التي تستند عليها شرعية نظام حزب البعث العربي الاشتراكي وفق ديباجة أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، ظللنا نضرب في صحراء التيه والضلال. وفي نهاية هذه المرحلة من الملطشة القومية ظهر الملك سلمان ليوحد الأمة باستعادة الشرعية في اليمن كمقدمة لإعادة ترتيب المنطقة كلها، كما ظهر الجيش السوداني بتجاربه الثرة وشجاعة فرسانه المختبرة في كرن والسويس وبرقة وطرابلس.. اعتقد أن السودان يحتاج أن يقوم بهذه المهمة لتحسين صورته عالمياً وإقليمياً، كما أن المهمة في حالة اتساعها لتشمل العراق وليبيا تشكل مخرجاً لحالة التبخيس التي يمر بها السودان، والتي ربما تقف عقبة إذا توصلت أطراف الصراع الحالي إلى حلول دائمة، هذا عوضاً عن المليشيات الموالية للحكومة من قوات الدفاع الشعبي والدعم السريع وغيرها، فالسودان يمتلك جيشاً قوياً ربما يكون الجيش الثاني بعد الجيش المصري من حيث الحجم والتأهيل للقيام بعمليات واسعة النطاق، هذا إلى جانب جيش احتياطي ليس له نظير في المنطقة يستطيع تدريب اليمن والعراق وسوريا والصومال، وإلا أروني ماذا يستطيع أن يفعل أولاد وبنات الشهادات العربية والأجنبية وجامعة مامون حميدة أمام مقاتلي الصحراء والكراكير. لذلك على الحكومة أن تسرع في عقد المصالحات الوطنية وعلى الحركات المسلحة أن تقابل الخطوة الحكومية بالبداية اللازمة حتى يتفرغ السودان لأداء دوره الاقليمي والعالمي في حراسة الأمن والسلم الدوليين، وكحارس أمين لبوابة الشرعية الدولية والسيادة الوطنية لكل دول المنطقة، وهاهو الدور الذي تطلعنا له عبر الاشتراكية تارة والإسلام السياسي تارة أخرى، يأتينا على طبق من ذهب عبر الشرعية الدولية.