نحن نعرفهم ، وهم يعرفوننا .. هم يروننا «طوابير»، ونحن نؤكد أنّهم «مواسير»!.. هؤلاء النّاس عندهم عادة، عندهم طبيعة، زي ما إنت شايف !..الناس ديل، ما عندهم شغلة غير كيل الاتهامات، والاستنكار!و أيّ كفوة تحصل ليهم، يرموها فى ياسر عرمان والامبريالية العالمية ، او الشيوعية الدولية! كلما فشلت مُخططاتهم،او وقع حصارهم وانكشفت اسرارهم، أو راح ليهم الدّرِب فى الموية، طوالي يرجعوا ليك الى تغبيش الرؤية و مخاطبة الدّاخِل، وتعليق فشلهم على شمّاعة المعارضة التى يقولون أنها تستهدف «الاسلام»، فينسبوا الخيبة والخسارة التى تلحق بسياساتهم الى مؤامرات الطّابور الخامس،و المُندسين،والمُغرضين!.. و المندسين والمُغرضين من وجهة نظرهم هم نحن ..هم ، كل من لا ينتمي الى التنظيم الحاكم! هذه هي عوايدهم..و هي هي حركاتهم من زمان ليس بالقصير،، منذ زمان ما قبل موكب أمان السودان! وبمناسبة هذا الموكب الذي قامت عليه هذه الفِرية ، نحكي لكم هذه الحكاية، بشيئ من الحسرة ، التي تبدأ ب «حِليل»..! حليل زمن كان القطر يصفِّر بالمواعيد، و حليل زمن كانت السكّة حديد «خامَّة ولامَّة»..زمن الكلام بى معناهو، وزمن الغنا سمح، والزّمن جميل، و كل زول منتظر فرصتو وشايف شغلتو.. زمن كان المال العام محروس، والتحقيقات تجري على قدمٍ وساق، فى أصغر صغيرة، من أجل الحفاظ على مال الدولة! حليل زمن الاستعمار الثنائي ..! في ذلك الزمان،أُفتُقِدت فلنكة من فلنكات السِّكة حديد، فى سندة دار مالي، الواقعة شمال عطبرة و جنوبي محطة بربر،، فأجرى ناظر المحطّة تحرياته وتحقيقاته المبدئية مع عمّال الدريسية والخُفراء ، لكنّه لم يتوصل الى الشخص، المُفترض أنّه سرقَ، أو أخفى الفلنكة.. رفع النّاظر تقريره الى جهة الاختصاص فى هيئة السكة حديد، فتم تحويل الموضوع الى المحكمة التى استدعت بعض المُتّهمين فى التحقيق للمثول أمامها، وكان بينهم أحد عمّال الدريسة،، وقد كان رُباطابياً ، من النوع الذي لا يتحدّث إلا ب «التدوير»! ..رُباطابي شايف روحو ، مثل غالبية الرُّباطاب، «قبل أن يحيق بهم زمان السدود طبعاً»!.. فقبل ذلك الزمان ، كانوا عاملين فيها « يا دُنيا ،مافيكي غيري»!..كان الواحد فيهم، يبرُم الشّال، ويقدِّل فى المحطة، «زي التّكنو» أمين أمانة الفكر والتنظيم! بهذه الروح وقف الرُّباطابي أمام القاضي الانجليزي، وقد كان من عوايده «قلوّزة» الطّاقية، فوق جبهته، كأنّها «قندول المُقُدْ»! أو كأنها لمبة باب الحوش!.. قبل أن يبدأ القاضي استجواب الرُّباطابي، وجّه اليه الحديث عبر المُترجِم ،فقال المُترجِم للرُّباطابي، أن القاضي يقول ليك ، أن «تستعدِل الطّاقية، وتقيف باحترام، قدّام المحكمة»!.. بعد ذلك بدأ الخواجة يسأل الرُّباطابي ،عن اسمه ، وعمره،و ، و ، وعن فلنكة السِّكة حديد الضّائعة.. لكنّ الرّباطابي بين السين والجيم، نسِيّ أنّه يقف أمام المحكمة، وبحكم عادته فى قلوّزة الطاقية ،كان قد أرجعها الى وضعية التحدير المُستفِزة، بل جعلها فوق جبينه ، على وضعية «نور البطّارية»! وضع الخواجة القلم، و تحدّث اليه مرة أخرى عبر المُترجِم، بحِدّة ظاهرة،، قائلاً ، بأنّه التحذير الأخير، وأنّه سيرمي به فى السِجن، بتهمة عدم احترام المحكمة إن لم يُرجع طاقيته الى الوراء!.. قام المُترجم بترجمة كلام الخواجة، وبسرعة فائقة، دحرج الرُّباطابي الطاقية الى الخلف، وجعلها عند فاخورة رأسه، فى الوضع المُعاكس تماماً لحالة القلوّزة فوق الجّبين،، وقال للمترجم: «كلِّمو،، قول ليهو، طاقيتي أنا زحّيتا لي ورا، بس أريتك تكون لقيت، فلنكتك الرايحي تحتها»! الحين، الجماعة ديل، ما عندهم شغلة ،غير الرّدحي فى المُندسين والمُغرضين، وفى معارضة الفنادق! هم يروننا «طوابير»، ونحن نؤكد أنّهم «مواسير»..! والحكم العدل هو اللطيف الخبير ..