ü ألم يأن للانتباهة أن تعاود الصدور بعد كل هذه العقوبات المادية والمعنوية التي أوقعت عليها «هكذا» بسلطات تقديرية يمنحها القانون لمدير جهاز الأمن والمخابرات.. وقد يكون للدولة تقديراتها عندما رفعت الرقابة القبلية عن الصحف حتى لا يقال إنها تكمم أفواه الصحفيين وقد ذقت من كأس الرقابة القبلية عندما نزع الرقيب عمودي الذي كتبته مدافعاً عن صحيفة الانتباهة ولم أهاجم الحكومة ومع ذلك فالعمود وجد طريقه للشبكة العنكبوتية فانتشر بأكثر مما كان لو نشر في موقعه بالصحيفة (آخر لحظة).. ولو أرادت الحكومة أن ترضي طرفاً خارجياً في مقام القائد الأممي ملك ملوك أفريقيا قائد ثورة الفاتح من سبتمبر وراعي السلام في فضاء سين صاد ورئيس الجماهيرية العربية الاشتراكية العظمى العقيد معمر القذافي.. فلا بأس أن تغضب مئات الآلاف من قراء صحيفة الانتباهة «المغرورة» أقصد الغراء.. فقد «إغترت» الصحيفة وناشروها بما تحقق على أيديهم من تأييد وتوزيع واهتمام!!! ولعل الصحيفة تدفع كذلك فاتورة القرب.. والقرابة .. وقد قال د. عبد الوهاب عثمان «أبْادول» في أمر الاقتراب والابتعاد من السلطة.. قال( ما تقرب من الرئيس شديد «فتحترق» وما تبعد عنه كثير «تتنسي»).. وفي هذه المساحة بين الحالين يكون اللعب النظيف.. والكلام الدقاق.. أو المؤامرات واللعب الخشن.. وقد وقعت الانتباهة صريعة الصراحة الزائدة في تناولها وبدئها للعد التنازلي لموعد الاستفتاء. ففي الوقت الذي تسير فيه المسيرات في شوارع جوبا وعواصم الجنوب الأخرى تعبيراً عن رغبة المتظاهرين في الدعوة للانفصال «وهذا حقهم» تُحرم السلطات العليا عندنا على صحيفة يومية الصدور كلياً.. أنا أتفهم أن تمنع السلطات الصحف أو هذه الصحيفة بعينها عن تناول موضوع ما وفقاً لحيثيات مقنعة حفاظاً على «مصلحة البلاد العليا»!! وهذا «أكليشية» فأنا لا أدري أين التهديد الذي تمثله الانتباهة حال صدورها على مصالح البلاد العليا - إن كان الاستفتاء على حق تقرير المصير يجري على الوحدة أو الانفصال؟ { الانتباهة تؤيد الانفصال مثلها مثل معظم قيادات الحركة الشعبية التي تطرق بهمة على ضرورة قيام دولة في الجنوب وهي النتيجة الحتمية في تقديرهم لأن أكثر من تسعين بالمائة من أبناء الجنوب يطالبون بالانفصال هذا حسب تقديرات الحركة الشعبية وعلى لسان بعض كبار مسؤوليها.. ولو كان «الحديث عن الانفصال» حراماً.. وعيباً.. وجريمة يعاقب عليها القانون.. وتغلق بموجبها الصحف بالضبّة والمفتاح فلماذا تجرى الحكومة الاستفتاء أصلاً.. وعمَّ سيُسأل الناخب ليجيب بنعم أم لا؟.. حتى أن بعض النافذين في الحركة طالب بأن يكون صندوق الوحدة «ملفوفاً» بعلم السودان!! وهذا يعني وبالضرورة أن يكون صندوق الإنفصال «ملفوفاً» بعلم الحركة! ü أنا شخصياً قد جندت قلمي لصالح الوحدة والدعوة لها.. والعلم بمخاطر الانفصال لا يحتاج إلى «درس عصر» ولكنني احترم كل ما يرد في صحيفة الانتباهة لأن نصف رأيك عند أخيك ودعونا ننظر بعينين مفتوحتين بدلاً من أن نغمض عيناً ونفتح أخرى فنفقد الرؤية الكاملة.. ومن يقف بعيداً يرى الغابة كاملة.. فمنبر السلام العادل وصحيفة الانتباهة انتبذوا من أمر الوحدة مكاناً قصياً.. فهم يرون المسرح كاملاً «وماسكين الحساب» وقد كفاهم الايقاف الطويل ولابد من عودة الانتباهة في هذه المرحلة الحساسة على أقل تقدير لنحقق شعار الحرية والشفافية والنزاهة للاستفتاء فلا تتدخل الدولة في اختيار الناخب ولا تؤثر عليه ولا تضغط عليه لاختيار الوحدة أو الانفصال.. لكنها لو تمادت في إيقاف الانتباهة فالكل سيعرف حينئذ بأن الدولة تتدخل للتأثير سلباً في حرية ونزاهة الاستفتاء لأنها تمنع وبالقوة الجبرية طرفاً أصيلاً «الإعلام» في العملية الانتخابية «الاستفتاء» من ممارسة حقه بالترويج لبرنامجه ومخاطبة جمهوره بأن عليه التصويت لصالح الانفصال وللانتباهة قراء كثر في جنوب بلادنا هذا إن لم تكن الأعلى توزيعاً ،إذن هي تخاطب الناخبين الجنوبيين وتقول لهم صوّتوا للانفصال وكل صحف الخرطوم الأخرى تقول صوتوا للوحدة ومعها الأجهزة المسموعة والمرئية والمنتديات والمؤتمرات الحزبية أو غير الحزبية والحكومة وبرامجها التنموية.. والعجب إننا «فكينا كل ممسكات الوحدة من يدنا» وطفقنا نجري وراءها.. وتخيلوا معي صناديق الاستفتاء محروسة بقوات SPLA إذ لا شرطة في الجنوب ولا دخل لشرطتنا في الجنوب.. ولا مراجعة ولا يحزنون ولا ضرائب ولا زكاة وكلها منصوص عليها في بروتوكول قسمة الثروة.. مثلما يحظر بروتوكول الاجراءات الأمنية خروج SPLA من معسكراتها!! ولكن الانتباهة وحدها هي الخطر الحقيقي على مصير بلادنا القادم بالاستفتاء في الموعد المحدد. ü عامل في السكة الحديد «رباطابي» متهم بسرقة «فلنكات السكة» انتهره الخواجة في التحقيق لأنه «مَحدِّر طاقيته» قائلاً «رجع الطاقية بتاعك ورا» فرد الرباطابي بمساخته المعهودة «طاقيتي برجعها إن شاء تلقوا فلنكاتكم تحتها». رجَّعوا الانتباهة وهذا المفروض.