بعض الاحيان يلفت انتباهك حديث يدور بين البعض وخاصة اذا كان في امور عامة وهذا يقابلك يوميا اذا كنت ممن يركبون الموصلات اويرتادون الاسواق وهذا ما حصل معي أنا أجلس في الحافلة التي تقلني إلى حيث بيتي وفي المقعد الذي يليه المعقد الخلفي الذي يسميه البعض «شكراً» والبعض الآخر يسميه مقعد الطلبة.. وبينما الكمساري يتحصل على رسوم التعريفية من جميع الركاب.. فإذا به يتحاور مع من كانوا خلفي حول حقه، فدار الحوار التالي: الكمساري: الجنيه دا حق منو؟ الطلبة: نفرين في إشارة إليهما! الكمساري: دايرين جنيه تاني الطلبة: طلبة الكمساري: بطاقاتكم هذا الحوار قد يكون مألوفاً لجميع ركاب المواصلات العامة.. إذ لا تخلو حافلة نقل ركاب من الطلبة في معظم الأوقات. ولكن ما لفت نظري أنه عندما قام الطلاب بإخراج بطاقاتهم للكمساري لم تكن بطاقات ترحيل ولكنها بطاقات جامعية فاعترض عليها مبدئياً ولكنه استرجع الحوار مرة أخرى سألهم بتقروا وين؟ فرد أحدهم باسم الجامعة التي ينتمي إليها في فخر وإعزاز وأضاف الكلية والتخصص لمعلومات إضافية وعسى يقنع الكمساري بأن مستقبله مشرق. ولكن سأله الكمساري مرة أخرى: فضل ليكم كم وتتخرجوا؟.. فرد الطالب سنة واحدة.. فقال الكمساري يعني سنة بتبقوا عطالة. وبدأ يحدثهم كيف أنه أكمل البكالريوس في جامعة عريقة وتخصص مرموق إلا أنه تفاجأ بالواقع المرير بعد التخرج. فلم تكن أمامه إلا أن يعمل في إحدى المؤسسات بعيداً جداً من تخصصه في وظيفة فرد أمن وسلامة كل ما عليه مراقبة الواقف «المارق» عبر سؤالهم أو بطاقاتهم.. وأضاف بأنه يحمل ماجستيراً كمؤهل أكاديمي ولكنه الآن كما ترون يعمل كمسارياً لمكابدة ظروف المعيشة والاعتماد على الذات.. كل هذا ولم تمنعه «السكسكه» للسواق من حين إلى آخر من مواصلة الحديث. ما التمسته من خلال سماعي لما دار بينهما أن كلاهما قررا كسب الرزق عبر الوظيفة من خلال ما تحصل عليه من علوم وهذا ما فيه تناقض.. إذ أنه لا عيب أن يتعلم الفرد ولكن عليه أن يعمل ليتعلم.. وذلك ما أمرنا به.. ولعمري.. بالعقل يكتسب الفتى ولا باكتساب المال يكتسب العقل. ولو كانت الأرزاق تأتي على الحجا عانت من جهلن البهائم فهذه دعوة منا لنسخر طاقاتنا ومجهوداتنا عبر العقل لنيل العلم لا لنتعلم لأجل العمل.