مرةً أخرى جعلت الحركة الشعبية ظهرها مطية (يركب) عليه الآخرون لتحقيق أغراض سياسية لا علاقة لمواطني الجنوب بها.. سقطت ديموقراطية (العدم) على حد وصف الراحل الشريف زين العابدين الهندي، وهرعت الأحزاب التي كانت في قمة السلطة جنوباً نحو الحركة الشعبية، لاستغلال نضال الجنوبيين المشروع نحو دولة عادلة، والركوب على ظهر الراحل جون قرنق ليعود بها مرة أخرى لكراسي السلطة، ويتم تأجيل قضية الجنوبيين العادلة لحين من الدهر. خرج حزب المؤتمر الشعبي من السلطة بعد الرابع من رمضان بشعارات الحفاظ على بيضة الدين، وصون العهد! لكنه اتّجه جنوباً نحو الحركة الشعبية؛ لا إيماناً بقضية الجنوبيين، ولا حباً في د. جون قرنق ورفاقه، لكن الانتقام من الوطني كان دافعاً دون تعقّل، فلتذهب كل الشعارات والمباديء والقيم، والجنوب (المسكين) يلعق جراحه، ويبحث مواطنوه عن حبيبات الذرة في بيوت النمل حينما ضربته المجاعة، وقادة الأحزاب الشمالية المعارضة لا يشعرون بأنين الثكالى، وآهات المرضى.. أبرمت اتفاقية السلام بين الشريكين وجعلت الأحزاب الشمالية من الاتفاقية حائط مبكى، كيف تذهب الحركة للسلطة وتتركها في الصقيع تنتظر هبة السماء بعودة الديموقراطية وصناديق الاقتراع.. وحينما قرعت أجراس السباق، هرولت أحزاب الشعبي والشيوعي والأمة نحو عرمان وباقان، يحرضونهما على الشريك، ويعلنون تضامنهم مع الحركة الشعبية التي تسعى لتعديل بعض القوانين المعنية بالجنوب، وأخرى ليس للحركة فيها ثمرة، ولا للمعارضة الشمالية فيها نصيب.. حرضوا الحركة الشعبية على التمرد السياسي ومقاطعة البرلمان، وحرضوها على الثورة في الشارع للإطاحة بالنظام القائم، الذي إذا أسقط اليوم لن تنبت أرض الخرطوم إلا نظاماً لم يألفوه من قبل.. ولن تجد الحركة الشعبية من يخوض معها الانتخابات، ويشرع للاستفتاء المرتقب والمعارضة التي تعقد اجتماعات سرية في الحدائق البعيدة، تغيب عنها الحركة الشعبية.. (تدير) الأحزاب المعارضة معركتها الخاصة من خلال استغلال الحركة الشعبية وقطاع شمالها الذي لم يُصْغِ لدعواه الجنوبيون في الخرطوم.. انصرفوا من مسيرة الإثنين الماضي وسينصرفون مرة أخرى عن مسيرة الإثنين التي أعلنتها المعارضة حتى تجهض المبادرات التي مضت بعيداً في حلحلة القضايا العالقة، واقتربت من طيّ ملفات الخلاف لكن الحركة لم تفهم بعد: لماذا هي أصبحت مطية في أيدي الآخرين؟ وهل يشكل تحالف المعارضة بديلاً يؤتمن على اتفاقيةٍ هم أوّل من عدّد مناقصها، وسامها للشعب السوداني كبضاعة كاسدة؟ ولكن اليوم يبكي الشعبي، ويبكي الشيوعي، وينوح حزب الأمة، من أجل قوانين المشورة الشعبية، والاستفتاء، ونصيب القوى السياسية المعارضة من طرح البدائل كالماء في الصحراء. شكراً المهندس إبراهيم محمود حامد وزير الداخلية لموقف الشرطة من خرق القانون وموقف الشرطة من التخريب ولن يقف الشعب السوداني بعيداً عن الشرطة بل أمامها يشد من أزرها ويحميها بالمهج والأرواح حتى لا تقود أحزاب اليأس والإحباط بلادنا لحافة السقوط في منتصف الطريق!!