الخالة (د) من النساء الكادحات اللاتي يعملن من أجل لقمة العيش وسد الرمق، حين توفى زوجها تاركاً لها ستة من الأبناء وليس لها ما يعينها على تربيتهم ولا تحمل أي مؤهل تعليمي يمكنها من الحصول على وظيفة، فطرقت باب رزق شاق من حيث الامكانات والتصنيع، حيث امتهنت (عواسة الآبري) وبيعه، وبالرغم من ذلك استطاعت أن تواجه قسوة الأيام ومرارتها بالصبر والعزيمة ونقاء ضمير وجهد لا يستكين «آخر لحطة» وقفت عند هذه التجربة فتابعوا معنا: بداية المحنة: تقول الخالة (د) توفي زوجي قبل 15 عاماً وترك لي بنتين وأربعة أولاد بأعمار مختلفة بعضهم في المراحل الأولية من التعليم، حيث وضعني القدر أمام اختبار قاسٍ ولا أدري كيف سأتخطاه، فكان لا بد من وجود عمل حتى استطيع أن أربي أبنائي تربية كريمة، فلجأت حينها إلى (عواسة الكسرة) وتوزيعها على (الدكاكين) في الحي، وبيع ما تبقى منها في منزلي إلى الجيران. مهنة أخرى: تواصل (د) استمريت فترة من الزمن وكان الحال متيسراً، ولكن بعد فترة من الزمن كثر عدد النساء اللائي يتاجرن في بيع الكسرة وقتها أصبح دخلي بسيطاً لا يكفي متطلبات أسرتي.. فلجأت إلى مهنة أخرى وهي (عواسة الأبري) تلك المهنة التي تعلمتها من والدتي رحمة الله عليها وأنا صغيرة. رأس المال: وكشفت الخالة (د) عن مصدر تمويل مشروعها الجديد قائلة.. لم يكن لدي رأس مال كما ذكرت، كلما أجمعه من مال في بيع الكسرة كنت أقوم بإنفاقه أول بأول على أولادي (يعني رزق اليوم باليوم)، فبدأت أوفر مبلغاً بسيطاً من الدخل اليومي، وأقوم بشراء جزء من المكونات التي تدخل في عواسة الآبري، وأكرر ذلك يومياً حتى جمعت قدراً كبيراً من الذرة والبهارات ومن ثم بدأت في ممارسة عملي. بداية العمل: تقول الخالة (د) أبدأ التجهيز في المكونات قبل رجب بشهر، حيث أقوم بتحضير المواد وهي ذرة، شمار، كسبرة، جنزبيل أبيض، قرفة، هبهان، غرنجال، عرق أحمر، حلبة، كمون، عرديب، كركدي.. ومن ثم أسحن جميع البهارات وجزء من الذرة وأقوم بتزريع الجزء الآخر. طريقة عمل الزريعة: وشرحت الخالة (د) طريقة تزريع الذرة قائلة: بغسل الذرة جيداً ثم بنقع في الماء ليلة كاملة، ويجهز مكان على الأرض ويوضع عليها خيش رطب تنشل الذرة وتفرش على الخيش الرطب ثم تغطى أيضاً بخيش رطب، وتترك يوماً كاملاً ثم تبلل بالماء كل يوم لعدة أيام حتى تبدأ تنبت وتظهر لها عروق، ومن ثم أقوم بنشرها على إناء واسع للتعرض لأشعة الشمس على مدى يومين حتى تجف، وأقوم بطحنها في (الطاحونة)، وعلى قدر كمية الذرة (المزرعة) تطحن كمية مقابلة لصافي الذرة العادية لتساويها في الكمية. تخمير العجين: وأضافت (د) بعد تحضير هذه المواد أقوم بخلطها مع بعض حتى تتحول إلى عجينة، وذلك عن طريق غليان ماء على النار وإضافة كمية من دقيق الذرة غير المزرعة والبهارات المسحونة، بالإضافة لمواد مسحونة أخرى مثل الكركديه والعرديب يبل وتصفى مويته بعد خلط العجين ليترك لمدة يومين حتى يخمر وبعدها يكون جاهزاً لمرحلة العواسة وتسمى (مديدة الآبري). عواسة الآبري: وعن طريقتها في عواسة الآبري تقول الخالة (د) بعد تخمير العجين يومين أقوم بخلطه مرة أخرى، ويسمى ذلك (الكوجين)، ومن ثم أبدأ العواسة بوضع العجين على الصاج في شكل طرقات وتحريكه بقطعة خشبية حتى تنفذ منه رائحة قوية ومميزة، ويصير لون الطرقة المعروف بلونه الأحمر، ومن ثم أضعها بشكل مطبق وأبدأ برص الطرقات في (الجرادل)، حيث أعوس في اليوم الواحد مقدار أربعة جرادل. أسعار متفاوتة: وقالت (د) بالإضافة إلى (الحلو مر) كذلك أقوم بعواسة الآبري الأبيض، وهو يحتاج لموكنات أقل من الآبري الأحمر، ولكن طريقته أصعب من الحلو مر، حيث استغرق يوماً كاملاً في عواسة جردل واحد، وذلك لأنه يحتاج إلى نار هادئة كذلك عند التعبئة الجردل يحتاج إلى كمية كبيرة حتى يمتليء، وسعر الجردل 150 جنيهاً غير الأحمر فسعره 100 جنيه. أما بالنسبة للرقاق مكوناته بسيطة وطريقته سهلة لذلك سعر الجردل 25 جنيهاً. زبائن معتمدين: وعن أماكن توزيع بضاعتها تقول (د) لدي زبائن معتمدين في كل سنة، أقوم بتجهيز طلباتهم كل شخص على حسب ظرفه، والكمية التي يحتاجها، أما بقية الكمية أقوم بتوزيعها من داخل منزلي، بالإضافة إلى ذلك بعض الزبائن يقومون بتجهيز مكوناته ويطلبوني فقط للعواسة وفي هذه الحالة سعر الجردل 20جنيهاً.