نحن لا نستطيع أن نملك مع الأقدارأي شيء... قد تكون سائراً في الطريق وفجأة تقع عليك طائرة من السماء بركابها وتقضي عليك... وقد تكون نائماً في بيتك ودون أن تدري يهجم عليك فيل ضخم ويهرس عظامك وقد ... وقد ... الخ . وكل شيء من هذا جائز ولكني أصدقكم القول أيها الاصدقاء لم أكن أتوقع أن تأتي الطامة الكبرى في شخص بني آدم مثلنا، له عينان ويدان ورجلان وله اسم لا أعرفه.. كنت في طريقي الى مدينة بحري عندما أشر لي هذا البني آدم وهو يقول :- ماشي بحري يا أخينا.... وأومأت رأسي بالايجاب وأوقفت عربتي.. فركب ذلك الشخص ولم تتحرك العربة بضع أمتار حتى قال :- ممكن تقيف هنا أخد لي جرايد معاي .. ووقفت لفترة نزل فيها ذلك الشخص واشترى صحيفة أخذ يقلبها وهو يقول: مافيها اي حاجة.... غايتو خسارة قروش. وعندما أدركنا كبري النيل الأزرق رفع رأسه عن الجريدة وهو يقول: -البحر اليومين دي نازل.. والله حكاية. واستمرت العربة في سيرها حتى سمعته يقول لي: -أسمع....أمشي بالله بشارع المنطقة الصناعية. ولم يكن هناك مايدعوني الى الذهاب بشارع المنطقة، ولكن الطريقة التي تكلم بها الأخ جعلتني دون أن أدري اغير اتجاهي بشارع المنطقة وعند تقاطع السكة الحديد قال لي : - دقيقة لو أمكن عشان أدي الزول دا الورقه دي.. ووجدت صعوبة في الأمر في الوقوف لأن المكان لا يسمح بذلك ولكني وقفت على بعد خطوات ... فنزل ذلك الشخص وغاب فترة ثم جاء راجعاً، فاعتذرت له بأنني لم أجد مكاناً مناسباً للوقوف بعيداً فقبل اعتذاري وهو يقول: - معليش ماهي أصلاً المنطقة كلها كدا.. وتحركت العربة على شارع المنطقة الصناعية ،وطيلة الوقت كنت اتشوق لمعرفة نهاية هذه المسرحية الجديدة ووصلنا بالقرب من الجديدة، ووصلنا بالقرب من محل اسبيرات، عندما صاح ذلك الشخص: اقيف دقيقة بالله ...اصلو عندي باقي قروش عند الزول بتاع المحل دا عايز آخدها ... وغاب الرجل فترة وعاد وهو يقول : ياخي الجماعة ديل ماعارفهم ليه مابقعدوا في محلاتهم.. تصور ده رابع مرة اجيهو القاه مافي... والحكاية ومافيها انه اخوي في مصر ومرسل قروش لاولاده هنا وقال لي تاخدهم من الراجل دا.. وكل يوم أجى القاه مافي ... وضربت ليهو ستين تلفون.. وكل مرة يوعدني يكون ما موجود... وأنا هسع عايز لي زول في مصر عشان يتصل باخوي ويكلمه.. ومابتعرف ليك زول في مصر.. أجبت بعد تفكير....ايوة قال : منو قلت : فاتن حمامة.. قال : ياخي دي واحدة ست وما اظنها تقدر تقابل أخوي دا... ماعندك واحد من أصحابك بتعرفه... قلت : ايوا... في واحد صاحبي اسمه محمد علي باشا قال : علي اي حال.. كدي مانستعجل ساكت... يمكن الراجل ذاتو يكون هسع في وقفتنا دي جاء.. وذهب الأخ مرة أخرى وغاب داخل دكان الاسبيرات وجاء راجعاً وهو يردد: غايتو ماعندنا حظ.. معليش نجي مارين عليهو مرة تانية... يله نمشي.. وتحركت العربة.. وشقت طريقها في المنطقة الصناعية وسط أكوام الحديد والحفر واللوريات الثقيلة والجرارات والرجل جالس وكل مرة والثانية يقول: - عن إذنك دقيقة عندي موضوع مع الزول دا .. أو - بالله اقيف لي شوية ... اكلم الزين بعدين يجيني هناك. حتى وصلنا مصنع لانتاج الزيوت ... وأشار لي الأخ بالوقوف فتوقفت... وقف برهة ثم قال: -اسمع... اقول ليك يا أخ انت أمشي بعد دا ..انا حارجع مع ناس عبد المطلب.. وقلت مطيباً خاطره : -وليه كدا... ممكن انتظرك... - لا ياخي أنا حتأخر.. وبعدين أنا ذاتي شغال هنا وناس عبد المطلب حيوصلوني معاهم ومافي داعي.. وقلت: -مش أحسن اجي ماري عليك بعد نهاية الشغل لانو ناس عبدالمطلب يمكن تكون عندهم مشاوير... ويمكن تكون انت ذاتك عندك مشاوير أو عاوز تمشي للزول بتاع قروش أخوك الفي مصر. اجاب بكل ذوق وإنسانية وظرف: - لا.. معليش.. شكراً... خليها مرة تانية. وقدت عربتي وأنا أشد إيمانا بأن القدر يعمل اكتر من كدا وأن الرجل ظريف جداً.