منذ سنوات كنت أخشى من السفر جوا ، الآن تبدل الحال وأصبح محسوبكم يخاف موت من السفر بالسيارة ، طبعا لي الحق في الخوف والإعلان عن ذلك صراحة ، حوادث المرور وفقا لإحصائية صادرة عن الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب تقتل أكثر من 21 ألف مواطن عربي سنويا فيما تبلغ الخسائر الناتجة عنها 24.1 مليار دولار ، اسمعوني ، الخطاب الغنائي العربي في مجمله يدعو السائقين الى التمهل في قيادة السيارة وعدم التهور حتى لا تحدث الكارثة ومنها أغنية شادية ( سوق على مهلك سوق بكره الدنيا تروق ) ، على عكس ذلك تماما نجد ان الأهازيج والأغاني لدينا بعضها يدعو الى السرعة والأخرى تصف حالة السائق السريع ، خذوا مثلا الأغنية الدكاكينية ( يلا يا سواق زود السرعة الناس حبايبنا أوعى تقلبنا ) كما ظهرت قبل عقود أهزوجة ( احرق الجازولين يالوابور جاز ) وفي الأغنية الرصينة (سايق الفيات) يقول عمنا ابراهيم العبادي رحمه الله (شوف سايق الفيات الليلة كيفن هاش ) ، ربما والله اعلم ان خطابنا الغنائي من الأشياء التي كرست عدم المبالاة في ذاكرة السائقين لدينا فأصبح هؤلاء يرتكبون الحوادث الفاجعة يوميا ، انتباه ، احد ( المغيوظين ) من تهور السائقين في السودان شبه السائقين لدينا بنظرائهم في بنغلاديش والمكسيك ، حسب تصنيفات منظمة الصحة العالمية فان السائقين في هذين البلدين هما الأسوأ على مستوى العالم ومن عندياتي أضيف إليهم السائق السوداني ، كما ان العاصمة القومية هي المدينة الوحيدة التي تقع على شوارعها حوادث مميتة ، المقصود هنا ان الحوادث التي ينتج عنها وفيات وإصابات بليغة في العالم تقع غالبا في الطرق السريعة ، نحن ياسادة في حاجة الى وعي مروري مكثف ، اسأل فقط هل بحثنا عن أسباب الحوادث هل فكرنا في زيادة جرعات ثقافتنا المرورية هل أعدت دراسات عن أعمار السائقين الذين يرتكبون الحوادث وكذلك خلفياتهم الثقافية ؟ نحن بحاجة لإصدار قانون ملزم يمنع السائقين عن الكلام والونسة السخيفة بالجوال أثناء القيادة وإذا كان هذا القانون اللعين موجود أصلا لا بد من تفعيل العمل به ، هناك دول كثيرة تطبق القوانين الرادعة ضد السائقين الذين يتحدثون بالموبايل أثناء أمساكهم عجلة القيادة طبعا نود معرفة عدد ضحايا الحوادث المرورية في عاصمتنا القومية وحدها ، ناهيكم عن بقية الطرق ، في المغرب تم الإعلان ان الحوادث تحصد سنويا اكثر من 4ألآف شخص , وفي تونس أشارت دراسة الى حوادث المرور تأتي في المرتبة الأولي للأسباب المؤدية للوفيات ، من الطبيعي ان يتم في أي دولة الإعلان عن اعداد ضحايا حوادث المرور لأنها مرتبطة بالمسار التنموي فتكاليف علاج إصابات الحوادث تبلغ في المتوسط بأي دولة كحيانة ملايين الدولارات عدا ان مثل هذه الفواجع يكون ضحاياها من الشباب ناهيكم عن الأثر النفسي على اسر الضحايا والمصابين ، ما يجعل الإنسان يضع يده على قلبه ان العاصمة القومية تشهد يوميا دخول مئات السيارات لتضاف الى الموجودة أصلا أخشى ان نستيقظ ونجد في الغد أن في كل بيت ذكرى مريرة لفاجعة مرورية ، فاجعة تشبه تماما الكوارث المقبلة جراء تشتت لحمة الوطن بالانفصال والله المستعان .