مدني على الخط:صلاح حاج بخيت أعترف بأنني لم أتمالك مشاعري ولم أستطع حبس دموع الفرح وأنا أشاهد عبر التلفاز، أبطال السودان براعم مدرسة محمد عبدالله موسى، بودمدني، وهم يذرفون الدموع عند صعودهم لمنصة التتويج لتنصيبهم أبطالاً لبطولة قناة ج القطرية.. متفوقين بجدارة واقتدار، بمهارة وجسارة، بحرارة قلب ورجالة، على ستة عشر فريقاً عربياً.. يفوقنهم إعداداً واستعداداً.. إمكانات وراحات وصحة وعافية.. ولكنهم رغم تلك الفوارق قهروا المستحيل وطوعوا الصعاب، وتربعوا على عرش البطولة.. فغنينا وفرحنا «أطفال السودان ساعة الحارة ديل أهلي». لقد سعدنا حقيقة ونحن نشاهد أكبادنا، ينثرون أريج الأفراح على الجالية السودانية، بمدرجات إستاد عبدالله بن خليفة بالدوحة، ورصدناهم وهم يلوحون بأعلام السودان عالية خفاقة وهتافاتهم «فوق فوق.. سودانا فوق» ويا له من فرح مضمخ بنشوة النصر و«سكرت» بخمرة الإنجاز والإعجاز. أما الفرحة الكبرى فقد اندلقت بشوارع وأحياء أم المدائن ود مدني التي أنجبت أولئك البراعم، فخرج الناس بعفوية.. نساء ورجالاً.. شيباً وشباباً وأطفالاً.. خرجوا إلى الشوارع والساحات يحملون أعلام السودان ويرددون أهازيج النصر ويحتفلون بهذا الإنجاز الفخيم، وحق لهم ولغيرهم من السودانيين أن يحتفلوا بعد أن غربت شمس البطولات عن سماء بلادنا قارياً وعربياً. لقد أكد أولئك الأبطال الصغار أن الكرة السودانية لا زالت بخير طالما أنها تضم مثل تلك المواهب.. ولكنها تفتقد للمسة رعاية النشء وصقل مواهبهم الفطرية عوضاً عن إهدار ملايين الدولارات في المواسير المستوردة من شاكلة وارغو واتبونج وكريم الحسن وايشيا وخلافهم من عاطلي الموهبة الذين تعج بهم كشوفات الأندية السودانية.. فتصوروا أن محترفاً لا يعرف الفرق بين الضربة الحرة المباشرة وغير المباشرة. وأكد أولئك البراعم أيضاً أن ود مدني لا زالت ولوداً وبخير وعافية طالما أنها قادرة على إنجاب أمثال تلك المواهب الفذة التي رفعت رأس البلاد عالياً بين الأمم ولكنها يا حسرة تغتال مواهبها بإهمالها لمناشط البراعم وروابط الناشئين والرياضة المدرسية.. بينما تركز أنديتها على استجلاب لاعبين من مدن أخرى لم يفيدوها بشيء.. بل «لحقوها أمات طه». ووسط تلك الأفراح فقد أحزننا حقاً تجاهل الأجهزة الإعلامية لذلك الإنجاز الكبير بعد أن تابعنا بلهفة قنواتنا الفضائية خاصة الرياضية عقب المباراة.. فوجدناها قد تجاهلت الحدث تماماً ولم تورده حتى في الشريط الإخباري كأضعف الإيمان ولكنها انشغلت ب«الفارغة والمقدودة» وإعادة بث بعض المباريات القديمة البايخة والمملة ويا عيب الشوم.. أما بعض صحفنا الرياضية فقد انشغلت تماماً بأخبار مباراتي الهلال والمريخ في الممتاز في عناوينها الرئيسية.. بينما أوردت الحدث بصورة خجولة ومختصرة للغاية عدا صحيفة الجوهرة الرياضية التي أولته اهتماماً خاصاً بجانب الصدى التي أفردت له صفحة كاملة. مبروك للسودان أولاً ولود مدني ثانياً وتهانينا الحارة لأطفالنا الأبطال ولمديرهم صديق أبو سبحة ولأسرة المدرسة المتفردة ولأولياء الأمور والطلاب عموماً وياهو ده السودان. المرة القادمة بإذن الله نكشف خفايا انتخابات اتحاد الكرة بمدني.