٭ تقول القصة القديمة: ذهبت «الحبوبة» للنهر للتنزه وصحبت معها حفيديها ابن ولدها وابن بنتها.. الجدة كانت لا تطيق زوجة ابنها وكانت تجهر بذلك ولا تخشى من البوح به.. وبينما هي تسير على الشاطئ انزلقت رجلها وسقطت على النهر وأوشكت على الهلاك.. حفيدها من الابنه كان الأقرب لإنقاذها، هول المفاجأة جعله لايحرك ساكناً وينظر ببلاهة لجدته وهي تصارع مصيرها.. حفيدها من ابنها جاء مسرعاً من بعيد واقتحم النهر سابحاً سحب حبوبته من يدها للشاطئ. ٭ الجدة عندما عادت لوعيها قالت مخاطبه الحضور. «نتلني ود العدوه كسر في ترقوه».. أي أن حفيدها كسر ترقوتها.. لم تقل «ابني» بل قالت «ود العدوة» كناية عن كراهيتها لزوجه ابنها..! ثم التفتت إلى حفيدها من ابنتها وقالت «ود الحبييبة ما عندوا في البحر صيبة»..!! ٭ الجدة وجدت العذر لحفيدها عندما تقاعس عن نجدتها وقالت ابن حبيبتي الغاليه لا يملك الخبرة الكافيه التي تجعله يقفز للنهر عندما صاحت «يا أبو مروة». ٭ دلالة القصة أن النظرة الخاطئة لا تفضي لنتائج سليمة وبها ظلم لمجهود الآخرين و قطمهم حقهم.. فالعجوز ظلمت حفيدها وتجاهلت إنقاذه لحياتها مغامراً بحياته عندما خاض النهر وحولت إنجازه الباهر إلى خطيئة كبرى حصرتها في كسره لكتفها رغم أن المسألة غير مقصوده ولا بد منها في عملية الإنقاذ. ٭ الحياه في مجملها صراع بين الخير والشر والحق والباطل والقوي والضعيف.. في خضم هذا الصراع الذي يدور بين الدول والجماعات والأفراد يتم التصنيف، فهذا صديق وهذا عدو، وهذا حليف.. عندما يتم الوصف الكامل للعدو بأنه عدو تصبح مواجهته مهمة للقضاء عليه وتدميره و اتقاء شروره بكل السبل والوسائل المتاحة.. ٭ في عالم اليوم اتسع الصراع وزاد حجم التنافس وبرز مفهوم «المصالح» التي باتت تحكم صراعات اليوم وانزوت المبادئ والقيم والأفكار.. ولهذا ولد المثل الذي يقول لا توجد صداقه دائمه أو عداوة دائمة.. فحيث ما وجدت مصلحتك ولِّ وجهتك.. انطر لشكل التحالفات والحروبات التي تشهدها المنطقه من حولنا وتأمل أي «رابط» مشترك يجمع بين هذه القوى أو تلك.. لن تجد شيئاً موضوعياً أو مهماً غير لعبة المصالح و «حقي وحقك».. لا زلنا في مربع العداوة والبغضاء.. فالمربع في ازدياد رهيب وحلقة التناحر والشقاق متسعة.. فمساحة «الخوة» والسماحة في تناقص.. فالكل يسعى للتنافس والفوز بالكيكة بأي شكل وبأي طريقه وبأي لون.. ولهذا لا تندهش إن وجدت نفسك فجأة في خانة «العدو» وربما كنت تحسب نفسك غير ذلك.. فان جاءت «هكذا» فلا تندهش.. فقد ولى المساء وولى الاندهاش وولى كل شيء سمح وجميل!! ٭ قال لي: ماذا أصنع إذا وجدت نفسي أسير بقدمي في حلة «الأعداء»؟! قلت له: سم الله وتوكل وصلي على نبيك امش «عدل» يحتار فيك عدوك..!! سألني إيه حكاية «العدو» الماشة في البلد اليومين دول؟ قلت له: «ياتو عدو، الصديق، أم الخفي، أم الخالف، أم القادم؟! أ ماذا. يا ماذا...؟!