بعد 120 يوماً اكملت لجان الحوار الوطني الست أعمالها بقاعة الصداقة، والذي شارك فيه أكثر من 130 حزباً، بجانب (30) حركة مسلحة، وخلصت من توصياتها، وفي انتظار انعقاد الجمعية العمومية وتسليم التوصيات لرئيس الجمهورية، للبدء في اجراءات تشكيل حكومة وفاق وطني توافق عليها المتحاورون لتنفيذ المخرجات.. دكتور ابوبكر أحمد الرئيس المناوب للجنة الحريات والحقوق الأساسية التقته (آخر لحظة) في هذه المساحة لالقاء الضوء على عمل اللجنة، وأهم التوصيات المتعلقة بالحقوق والحريات.. فمعاً نتابع ما دار في الحوار: حوار : ثناء عابدين / نازك العاقب تصوير: سفيان البشرى تزامناً مع انطلاق الحوار حدث تضييق غير مسبق على حرية الصحافة ونشاط الأحزاب؟ - عندما نتحدث عن تهيئة المناخ نركز على الأحزاب والحركات المشاركة في الحوار، أما الرافضة مبدأ المشاركة يبقى مافي مسعى أن يهيأ لها مناخ، وماهو المناخ الذي تطلبه وهي منذ البداية قالت ماعايزة تحاور وبعضها قال حتى لو جاء هذا الحوار مبرأ من كل الأخطاء لن نقبل به، والمناخ تمت تهيئته تماماً للمشاركين، وقد أوقفنا بواسطة رئيس القضاء في تأجيل أحكام إعدام صادرة بحق بعض المنتمين للحركات، وفيما يتعلق بالحريات لا نستطيع أن نتحدث عنها، والمخرجات لم تصل حتى الآن لمرحلة التنفيذ، ولكننا في التوصيات أكدنا على أن حق التعبير لا يقيد، وسوف يوضع في الدستور الذي سنصيغه من جديد، ومتى ماتم التوافق على المخرجات وحدد زمن لتنفيذها، يصبح لزاماً على الحكومة الجديدة تنفيذها بما فيها الحريات، فالننتظر حتى ذلك الموعد، ولا ننسى أن هناك بنداً أساسياً في دستور 2005 الذي وافقت عليه جميع الأحزاب عدا البعث، نص على تقييد الحرية في الظروف الاستثنائية، والآن نسعى لأن يكون الدستور القادم متفقاً عليه عبر استفتاء شعبي، ولا نتركه للسياسيين وحدهم، وقانون الصحافة الموجود الآن وضعه السياسيون أنفسهم. هل أكملت اللجنة أعمالها ورفعت توصياتها؟ - نعم بعد نقاش وتداول دام 120 يوماً اكملت اللجنة أعمالها وخرجت ب 90 توصية بعد التنقيح من جملة 402 توصية، وهناك ثلاث توصيات اختلف حولها أعضاء اللجنة سنضطر لعرضها على الموفقين للتوافق حولها حسب مامتفق عليه. فيما تمثلت هذه النقاط ؟ - أولاً اختلف الأعضاء حول استفتاء دار فور، فهنالك من يرى ضرورة اجرائه باعتباره حقاً دستورياً، وآخرون طالبوا بتأجيله، وأخضع الأمر للتصويت، وكان الغالبية مع اجراء الاستفتاء، وهنا أصبحت نقطة خلافية تتطلب تدخل الموافقين الخمسة، أما النقطة الثانية تمثلت في انتخاب منصب الوالي والمعتمدين، وهناك من يرى أهمية تعيينهم، ولكل فريق مبرراته في رؤيته، وتوافق غالبية الأعضاء على أحقية المواطن في انتخاب الوالي والمعتمد، مع تقييم تجربة التعيين وبعد التصويت رفض بعض الأعضاء فكرة تقييم التجربة. أما النقطة الخلافية الثالثة تمثلت في القوانين التي تقيد استخدام الحقوق والاستمتاع بها، وأصر بعض الأعضاء على أن يطلق عليها القوانين المنتهكة للحقوق، وتوافق الأعضاء على مراجعة جميع القوانين المقيدة للحريات والمنتهكة للحقوق، فيما يرى آخرون بضرورة الغائها وليست مراجعتها، ولكن الرأي الغالب يرى أن كلمة مراجعة تشمل التعديل أو الإلغاء أو النفي، هذه النقاط التي تحتاج لموفقين أو خبراء للاتفاق حولها لرفع التوصيات النهائية. هل حددت اللجنة قوانين بعينها رأت أنها مقيدة للحريات؟ - في اللجنة فردنا مساحات كبيرة للنقاش حول القوانين المتعلقة بالصحافة والتعبير، وحق التنقل والاعتقال، ومنع السفر، وملكية الأراضي، والنظام العام، وتم التوافق على أن تكون بصورة عامة، بدلاً عن تفصيلها، وجاءت التوصية بمراجعة جميع القوانين المنتهكة للحريات، ونرى إن كانت محتاجة لتعديل أو الغاء، والحق ينص عليها في وثيقة الحقوق في دستور 2005م، ولذلك أوصينا بأن يكون الدستور دائماً متوافقاً عليه. كيف سارت أجواء الحوار داخل اللجنة خلال ال 120 يوماً؟ - الجو العام للحوار كان مثالياً، والأحزاب كانت متساوية في التمثيل، ولا يوجد فرق بين حزب كبير أو صغير، حتى أحزاب الحكومة، بالرغم من أنهم متفقون في كثير من الآراء، إلا أننا نجدهم مختلفين بنسبة 90% في الآراء المطروحة، وهذا وضع جيد ونعتبره صحي، أما داخل القاعة وأثناء المداولات الشهر الأول كان الحديث فيه بنبرة عالية وإخراج للهواء الساخن في كل ما يتعلق بما حدث في الفترات السابقة، وكان هناك تشكك فيما بين الناس، ولكن من الشهر التاني حدث التوالف بينهم. الراحل الترابي كان مهتماً بالحريات كيف تعامل مع اللجنة وهل هو من وضع تصورها؟ - الممثلون في آلية (7+7 ) من جانب المعارضة كان المكون الرئيسي فيها المؤتمر الشعبي وحزب الأمة القومي، ولكن بعد أن رفضت الحكومة تأجيل الانتخابات لما بعد الحوار، انسحب حزب الأمة وأصبح الشعبي على قيادة الآلية من جانب المعارضة، ووافق الحزب على قيام الانتخابات باعتبارها استحقاقا دستوريا، وأصبح الدينمو المحرك للحوار، ود. الترابي كان مصراً على أن التحول الجديد سيشمل الحريات، والحقوق الأساسية، والتداول السلمي للسلطة، وكان حريصاً على متابعة أعمال اللجان الست، وبالنسبة للجنة الحريات والحقوق الأساسية اختار أقوى الكوادر من حزبه، ووضع الأمين السياسي بالحزب كمال عمر وبديله حسن عبدالله الحسين، وكان يتابع مداولات اللجنة وكانت تصله في مكانه. ماهي أبرز التوصيات التي خرجت بها اللجنة وتم التوافق عليها؟ - أولاً حق التقاضي الذي وسعنا فيه بأن لكل مواطن أو جماعة الحق في التقاضي، كما طالبنا بفصل النيابة العامة من وزارة العدل، ثم اقترحنا أن تنحصر مهام الشرطة في منع حدوث الجريمة، وأن تؤول سلطة التحري للنياية، ثم أكدنا استقلال القضاء والغاء منصب رئيس القضاء، ومفوضية السلطة القضائية، واستبدلناه بمجلس قضاء، وقلنا لا يمكن لشخص واحد أن يكون مسؤولاً عن كل القضاء بالبلاد، ودعينا للتوازن بين السلطات، فالاستقلالية الكاملة تؤدي الى الاستغلال. من بين التوصيات استحداث منصب رئيس الوزراء كيف ترى ذلك؟ - منصب رئيس الوزراء عباءة لا تناسبنا وزيادة عبء على السلطة، وفيه خلط بين السلطات لابد أن نختار أن يكون لنا رئيس وزراء يحاسبه البرلمان، وهذه تجربة عشناها( 50) سنة وفشلت، ولا نحتمل تكرارها مرة أخرى، لأنها تحمل الكثير من المساوئ، والبلاد لا تحتملها مرة أخرى، نحن الآن بصدد نظام جديد فيه مشاركة واسعة للسلطة، وفيه سلطات سحبناها من المركز، وأشركنا فيها كل الولايات في الحكم، فالنظام الرئاسي الفدرالي أرحم، أما تجربة الاقليم ورئيس الوزراء تجربة فاشلة وأنا أرفضها تماماً. يقال هناك تباين واضح بين التوصيات التي اكتملت ورئاسة الجمهورية؟ - رئيس الجمهورية التزم بنتقيذ اي توصية تجيزها الجمعية العمومية، التباين كان أثناء التداول داخل اللجنة، لكن الآن لا يوجد تباين لأن الأعضاء وقعوا على مستند واحد خرج من اللجنة، وهذا يمكن يحدث تباين بين الأعضاء ورؤساء الأحزاب، لأنه لم يصلها، ولكن بوصول التوصيات للجمعية العمومية لا مجال للتباين، لأنها سترفع لرئيس الجمهورية الذي بدوره قال سوف أجيز كل حرف وشولة فيها، التباينات مفروض تكون في التنفيذ، هل التنفيذ يسير وفقاً للجدول الموضوع للجنة قضايا الحكم، وإنفاذ مخرجات الحوار أم يوجد هنالك خرق... إذا نحن عايزين معارضة لأن طبيعة المعارضة موجودة في الشعب السوداني، لابد من وجود الرأي الآخر حتى تكون التجربة ناجحة، أنا بقول لكل الشعب خذوا المخرجات (المنقذات) بقوة، لأنها حلت مشاكل كثيرة جداً منها الهوية، لكن للأسف منذ الاستقلال الى الحوار القائم الآن، لم تحل الهوية وهي السبب في تشرذم السودان. هناك حديث عن تزوير في التوصيات ماحقيقة ذلك؟ - بالنسبة للجنة الحريات والحقوق الأساسية كبقية اللجان لديها خارطة طريق، ونظمت ورشة لرؤساء اللجان والمقررين حول كيفية خروج التوصيات، والتي تمر بثلاث مراحل الأولى، هي توصيات مقسمة لثلاثة أبواب، توصيات خاصة باللجنة، وتوصيات مشتركة مع لجنة أخرى، وتوصيات ليست لها علاقة باللجنة، وترسل التوصيات الأخرى لبعضها، المرحلة الثانية تجميع المتشابه فيها وتحذف المعارض عليها، ثم يتم التصويت عليها في المرحلة الثالثة.. فالحديث عن التزوير لا أساس له من الصحة، من الذين قالوا وقعنا على التوصيات ليست لديهم صلاحيات توقيع من الأصل.. وهناك من يقول أنا نائب المقرر لا يوجد منصب مثل هذا في اللجان، يوجد مقرر والمقرر له ثلاثة مساعدين، عندما يغيب المقرر لا حاجة لمساعد المقرر الذي ينوب عن المقرر- كبير المقررين- فتوصيات اللجنة جميعها متفق عليها عدا النقاط الثلاث التي ذكرتها. هل تم استحداث حقوق جديدة وماهي إن وجدت؟ - نعم استحدثنا قوانين جديدة، فالوثيقة الجديدة لحقوق الإنسان الموجودة في الدستور جاءت من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، وجاءت من المعاهدات التي تمت في العهد الاجتماعي والاقتصادي من ميثاق الأممالمتحدة لسنة 1948 عندما وضعوا الحقوق، لم يكن فيها تقاليدنا ودياناتنا كشعب سوداني، وكذلك لابد من ادخال الحقوق، مثل حق الوالدين، والمسنين، والضيف والمسؤولية الاجتماعية، والزكاة فهي حق شرعي موجود، لكن لم تدخل في حقوق الإنسان، ونتساءل في العدالة وفي توزيعها كل هذه حقوق مستحدثة، وكذلك مجانية التعليم والصحة. متى تتوقع انعقاد الجمعية العمومية؟ - أتوقع أن تكون بعد منتصف هذا الشهر وبعده بثلاثة أشهر تشكل الحكومة الجديدة، والشيء الوحيد الذي أجمع عليه المتحاورون جميعاً دون استثناء هو شخصية المشير عمر البشير ليصبح رئيساً للحكومة القادمة لتنفيذ المخرجات، وأول بند مطلوب منها تنفيذه الدستور الجديد، ووضعت آليات لاختيار بقية طاقم حكومة الوفاق الوطني، التي ستستمر الى ابريل 2020م، وبعد ذلك تجري انتخابات تتم بوسائل حديثة قدر الإمكان.