إدريس محمد جماع المولود في 24مارس عام 1922م بحلفاية الملوك بالخرطوم بحري ، من أعظم شعراء السودان والوطن العربي على الإطلاق،كان رجلا مرهف الإحساس ، مهذب وراقي التعامل. وهو شاعر مرموق ،له العديد من القصائد المشهورة والتي تغنى ببعضها بعض المطربين السودانيين وأدرج بعضها الآخر في مناهج التربية والتعليم في اللغة العربية في السودان. نشأ جماع نشأة دينية في كنف أسرته المحافظة وكان والده المانجل (لقب ملوك العبدلاب) محمد جمّاع بن الأمين بن الشيخ ناصر هو شيخ قبيلة العبدلاب. بدأ إدريس تعليمه في سن مبكرة في خلوة حلفاية الملوك حيث حفظ القرآن الكريم ثم التحق بمدرسة حلفاية الملوك الأولية في عام 1930، ومنها إلى مدرسة أم درمان الوسطى بمدينة أم درمان في عام 1934م ولكنه لم يكمل الدراسة فيها لظروف مالية، والتحق في عام 1946 بكلية المعلمين ببخت الرضا ، ثم هاجر إلى مصر عام 1947 ليدرس في معهد المعلمين بالزيتون، فكلية دار العلوم (جامعة القاهرة )والتي تخرج فيها عام 1951 م حائزاً على درجة الليسانس في اللغة العربية وآدابها والدراسات الإسلامية، ثم التحق بمعهد التربية للمعلمين ونال دبلوم التربية عام 1952 م. بدأ حياته المهنية معلماً بالمدارس الأولية بالسودان من عام 1942 وحتى عام 1947 ، وبعد عودته من مصر عام 1952 عّين معلماً بمعهد التربية في مدينة شندي ،ثم مدرسة تنقسي الجزيرة الأولية، ومدرسة الخرطوم الأولية ومدرسة حلفاية الملوك الأولية. ثم نقل للعمل بمدرسة السنتين في بخت الرضا بالدويم ، وفي عام 1956 عمل مدرساً بمدارس المرحلة الوسطى والمرحلة الثانوية في مختلف مناطق السودان. يغلب على موضوعات شعره التأمل والحب والجمال والحكمة ،كما كتب أشعارا وطنية مناهضة للإستعمار، أعلى الجمال تغار منا ماذا عليك إذا نظرنا هي نظرة تنسى الوقار وتسعد الروح المعنّى دنياي أنت وفرحتي ومنى الفؤاد اذا تمنّى أنتَ السماءُ بدتْ لنا واستعصمتْ بالبعدِ عنا ونظُرتُ فى عينيكِ آفاقاً وأسراراً ومعنى كما يزخر شعره بوصف ثورة الثائر الوطني الغيور على حرية وطنه وكرامة أمته، وربط في أعماله الشعرية بين السودان والأمة العربية والإسلامية، فتناول قضايا الجزائر ومصر وفلسطين، ونظم شعراً في قضايا التحرر في العالم أجمع. سأمشى رافعا رأسي .. بأرض النبل والطهر ومن تقديس أوطاني .. وحب في دمى يجرى ومن ذكرى كفاح الأمس .. من أيامه الغر سأجعل للعلا زادي .. وأقضى رحلة العمر هنا صوت يناديني .. نعم لبيك أوطاني دمي عزمي وصدري .. كله أضواء ايماني تغنى له كثير من المطربين بأعظم قصائده ،أشهرهم سيد خليفة : غيرة و ربيع الحب في ربيع الحب كنا نتساقى ونغني نتناجى ونناجي الطير من غصن لغصن ثم ضاع الأمس منا وطوت في القلب حسرة وله عشرات القاصائد الرائعة .وديوان شعر وحيد ( لحظات باقية) وهو صاحب أبلغ بيت شعر عربي: (أنت السماء بدت لنا واستعصمت بالبعد عنا) عانى كثيرا من مرض نفسي أقعده طويلاً ، وكان قدأرسل للعلاج إلى لبنان في عهد حكومة الرئيس إبراهيم عبود وعاد للوطن دون أن تتحسن حالته الصحية، وتوفي عام 1980 م ودفن بحلفاية الملوك ...رحمه الله رحمة واسعة.