في مقهى أنيق قبالة البحر جلست انتظر صاحبي المستشار جماع مردس للذهاب سويا إلى مناسبة اجتماعية ، لكن صاحبي ابو مواعيد غير مضبوطة على شاكلة 99.9 من السودانيين تأخر أكثر من ساعة ونصف الساعة ، ولأنني رجل قلق وأكره الانتظار حاولت ان اشغل نفسي بحركة السيارات والبشر وتأمل صفحة البحر المفتوح ، المهم في وسط تلك الكبسيبة اللذيذة على الآخر نسيت صاحبي وأسلمت مشاعري لتقاسيم موسيقى كلاسيكية كاملة الدسم تنبعث في أرجاء المقهى ، غير ان عامل المقهى اليماني كسر جدران صمتي وتأملاتي حينما سألني برفق ، ايش تشرب ؟ لحظتها استعنت بالله وأمسكت بقائمة الطلبات ، أسماء ما انزل الله بها من سلطان ، أخيرا طلبت فنجان ( اسبرسو ) بدون سكر ، الرجل توقف برهة وسألني ( ايش رايك أحسن نخليها جمنه مظبوطه ) ، ايوه جمنه مضبوطة هكذا قالها الرجل وطيف ابتسامة تعلو وجهه ، لحظتها ضحكت ولعلعت بصوتي وانا اضغط على مخارج الحروف ( أنت غلطان يا صاحبي اسمها جبنه مش جمنة ) ، غير ان عامل المقهى الذي كان يرتدي زيا تراثيا أصر على كلمة جمنة ، وقال أقولك جمنة يا أخي ومن الطين كمان وسوف تشكرني وتدعو لي بعد ان تمخمخ دماغك ، المهم اخيرا عرفت ان صاحبتنا الجبنة السودانية لها بنات خالات من الدرجة الأولى في اليمن السعيد ومنطقة جازان في المملكة العربية السعودية حيث أنهم يطلقون على جبنة الطين حقتنا اسم جمنة ، على فكرة لا ادري أيهما الاسم الصحيح الجمنة أم الجبنة ؟ ، لكن المهم في النهاية حصل صاحبكم العبد لله على فنجان جبنة أو جمنة مضبوط أنساني عكننة المواعيد ( الفوشوش ) لصاحبي ، حكاية جمنة الطين تذكرني قهوة أم الحسن التي كانت أهم محطة للمسافرين القادمين من عمق الشمال إلى العاصفة القومية قصدي العاصمة كانت هذه القهوة والتي لا اعرف ان كانت موجودة أم ذهبت مع ريح الصحراء علامة في الطريق الصحراوي قبل ان يولد شريان الشمال من رحم الغيب ، بالمناسبة في الخليج تقديم القهوة باليد اليسرى عيب كبير جدا، لكن لدينا في السودان تقول الأغنية الشعبية ( فنجان جبنه بي شمالو يسوى الدنيا بي حالو ) ، الله الله ، على فكرة القهوة في الراهن تستخدم في الكثير من منتجات التجميل وهناك بحث أجراه مجموعة من العلماء في جامعة سيول أكد ان استنشاق رائحة القهوة في الصباح يمنع الإجهاد ويخلي الزول مثل الحصان ، إما آخر الاكتشافات فهي تتمثل في أحذية للرياضيين بنكهة القهوة ، وحتى تكتمل الناقصة ادعو الاتحاد السوداني لكرة القدم إلى إلزام لاعبي المنتخب والأندية بضرورة ارتداء هذه الأحذية فربما تعدل أمزجتهم ويقومون بصنع المعجزات للكرة السودانية النائمة في العسل المر . كما أقترح إلزام أصحابنا رؤساء تحرير الصحف ألرياضييه خصوصا مزمل ابو القاسم وخصومه والمحررين العشوائيين بارتداء هذه الأحذية ، وفي حالة رفضهم يتم ضربهم بالأحذية حتى يسمع الناس كواريكهم في آخر الدنيا .