كانت للقهوة أو (الجبنة) طقوس خاصة وتحضيرات (ماليها حد) من (منقد) و(قلاية) و(شرقرق) و(فندك) وجبنة وفناجين وسكرية ومبخر (سلك) ولبان بخور, (المرة بالجاوي ومرة بالعدني ومرة بالتيمان) مع ريحة البن و(القلية) (البتجيب الطائش) وتعدل راس ومزاج الزول (الكييف) المابشرب الجبنة الا ويشم (ريحة القلية) ونوع الناس (ديل بتعب تعب في رمضان). وكانت لها (لمة) خاصة وتجمع من فئات أسرية محددة ومعروفة من رجال ونساء ليس للشابات والشباب فيها نصيب, وكان شراب القهوة للبنات (عيب عديل كده) ومافيه مجاملة.. والسكسك المنضوم حول الجبينة نجوم.. والفنجرية تقوم تقهوج الحجاج.. وكان للنساء النصيب الأوفر في (لمة) الجبنات حيث يدور صوت حديث (النسوان) مع دوران الفناجين ومع ريحة البن البتجيك من بداية شارع الحلة وهاك يا (شمارات) يمين وشمال عن أخبار فلانة وعلانة وفرتكانة.. الطلقوها والبتها خطبوها والراجلا عرس فوقها.. وغيرها من الونسة و(القطيعة) الما (بتديك الدرب) وشوية شوية زادت طقوس القهوة من (فشار) و(قنقليس) و(شيشة), وقلت أعمار رواد الجبنة وبقت الجبنة للشباب وعندها لمات خاصة شبابية وأجناس مختلفة متخصصة بعدما كانت الجبنة سودانية أصيلة بقت (حبشية) و(حلوة). ومع التطور التكنولوجي ودخول السودانيين العولمة اتلاشت لمات الحجاج لشراب القهوة في (الراكوبة) والحوش الكبير و(عدلان الراس) بالمزااج.. وضاعت جبنة الطين ووقايتها في زحمة جبنة الصيني الزجاجية (الحديثة) وطقم الفناجين والمبخر الحديث (الماخمج) وحجزت القهوة لنفسها أماكن في أرقى الفنادق والشوارع في العاصمة وصار لها (برستيج) عالي وجو خاص, وأخذت اشكالاً رسمية في حضرة رجال المال والأعمال بكل (قشرة ومنجهة) وفي محلات فخمة مكتوب على واجهتها (كافيه) يا (كافي البلاء). وأصبحت لها طقوس غير الطقوس السودانية المعروفة والتي تختلف من مدينة لأخرى, وأخذت جبنة رجال الأعمال شكلاً مختلفاً على غير الشكل التراثي المعروف لدينا, وأصبحت تعد في مقاهٍ خاصة تسبقها روائح وعطور الزائرين من أبناء رجال الأعمال (المرتاحين المرطبين), يعني ليس للغبش الكادحين (المقشطين) مكان في هذه المقاهي, لأنهم بصراحة ما بقدروا على دفع تكلفة فنجان القهوة (الممغنطة) في (الكافي شوب), الجبنة السياحية التي لا يتناولها إلا من يملك قيمتها, وأصبحت الكافيهات أماكن تواصل بين أبناء (المرطبين) وأماكن لقيا بين المحبين وأماكن للترفيه والتسلية, حيث يصاحب (الكافي شوب) أجهزة كمبيوتر والإنترنت الذي أصبح أسرع وسيلة تواصل بين الناس, وبقت (القهوة) مقيمة يعني البعزمك على فنجان قهوة في (كافي شوب) زي (الضبح ليك) (ضبيحة), أقصد عزومة أسهل وأسرع وأريح.. عرفنا العولمة في أي حاجة كمان بقت على (فنجان الجبنة) بعد ما كانت جبنة ونسات وشمارات و(قرقراب) وفنجان جبنة (بشمارو), بقت جبنة رسميات وحوارات ولقاءات عمل وبزنس.. وغايتو لو استمر الحال على كده الله يرحم التراث السوداني.. وسوي الجبنة يا بنية في ضل الضحاوية... الخرطوم: سماح علي الأمين