ظللنا في (آخر لحظة) على مدى سنوات التأسيس نحاول ونسعى لاستنطاق الباشمهندس الحاج عطا المنان إدريس حول ملفات عديدة، أمسك ببعضها وشارك في الكثير منها، لكن الرجل وربما للعلاقة العضوية التي تربط بينه وبين (آخر لحظة) ظل يستعصم بالصمت. وامتدّ صمته لبقية الصحف الأخرى التي حاولت أن تستنطقه على اعتبار أنه شاهد على عصر الإنقاذ، وقريب من مراكز اتخاذ القرار لسنوات عديدة، وعضو ملتزم بالحركة الإسلامية منذ أن انضم للجبهة القومية الإسلامية قبل ثمانية وعشرين عاماً.. طال أمد الصمت مع الوعود بالحديث.. واحترام البعض هذه الرغبة إذ وضح أن الرجل لا يُريد أن (يُبعثر) المعلومات المُفيدة أو المُضرة - عن نظام أسهم في بنائه وتأسيسه، وشارك في صناعة القرار داخله من المواقع السياسية والتنفيذية، وهو يشعر بأنه مستقل في إبداء الرأي داخل منظومة الحكم إلا أنه يلتزم بقرار الحزب والتنظيم حتى وإن خالف مراميه السياسية.. وكان مع ذلك يقف على رأس عدد من المؤسسات والشركات المالية الخاصة والخيرية، وقد تجاوز رأس مال الأخيرة الثلاثين مليون من الدولارات. ثارت قضايا ذات صلة بالباشمهندس الحاج عطا المنان استوجبت التوضيح والإبانة، لذلك لم يكن أمامنا إلا أن نحاول وضع النقاط على الحروف لنخرج بأكثر من حلقة من الحوار مع الرجل.. جاءت كما يلي:- هنالك حديث عن أمانة الاتصال التنظيمي بالمؤتمر الوطني غير فاعلة ما هي الحقيقة؟ - أولاً لابد من تسليط الضوء على هذه الأمانة وعملها حيث إنها تعمل وفقاً للائحة تسمى لائحة تنظيم أعمال أمانات الاتصال التنظيمي لسنة 2008م وكغيرها أنشئ لها مجلساً استشارياً كونه أمين الأمانة بعد التشاور مع نائب الرئيس ومع عدد من الأعضاء من ذوي الخبرة والدراية في مجال اختصاص الأمانة. ويتكون مكتب الأمانة من أمين الأمانة ونواب الأمين ورؤساء الدوائر إضافة إلى أربعة إلى سبعة أعضاء من ذوي الخبرة والدراية في مجال اختصاص الأمانة على أن يشمل أعضاء المكتب ويكون مقرر الأمانة مقرراً للمجلس ويعتمد المكتب القيادي الأمين بعد ترشيحه بواسطة الرئيس، ويكون للمكتب مقرر عام ينظم الرسائل والاتصالات ويحفظ وثائقه ويُتابع تنفيذ قرارته، ويكون لكل دائرة مكتب يتكون من رئيس الدائرة ونائبه ومقرر المكتب ورؤساء الشُعب وعدد آخر من الأعضاء يُعينهم رئيس الدائرة المتخصصة بالتشاور مع الأمين. ويرشح الأمين أعضاء مكتبه ويعتمدهم نائب الرئيس. وتختص الأمانة بالآتي: تطبيق السياسات والموجهات الصادرة من المؤسسات القيادية للمؤتمر فيما يلي وظيفة الاتصال التنظيمي. ووضع الخطط والبرامج المترجمة لسياسات المؤتمر في مجال الاتصال التنظيمي وكذلك التواصل والتنسيق مع الأمانات الاتحادية لربط الولايات بخطط هذه الأمانات ومتابعة الربط التنظيمي لأجهزة المؤتمر بالولايات ومتابعة البناء الهيكلي ومتابعة رعاية شؤون العضوية وإحصائها ومتابعة التحولات الإيجابية والسلبية لها كماً وكيفاً وتوظيفها تنظيماً في العمل العام بالتنسيق مع الأجهزة المختصة. كما تختص برصد ومتابعة أداء المؤتمرات التنظيمية بالولايات وتلقي التقارير الدورية حول التنسيق، ورفع تقارير دورية للمكتب القيادي. وإعداد التقارير والبيانات التقويمية حول أداء المؤتمرات الولائية ومجالس الشورى. وكذلك إيلاء قضية التدريب أهميتها من حيث البرامج والمساهمة في تنفيذها بناءً لقدرات الأعضاء وذلك بالتنسيق مع أمانة التدريب الاتحادية والولايات. وتعنى الأمانة بالتقويم الدوري لعمل الأمانة ورصد الأداء التنظيمي لمؤسسات المؤتمر بالولايات ومردوده السياسي العام للمؤتمر. وإعداد اللوائح الداخلية المنظمة لعمل الأمانة وأجهزتها. ويختص أمين الأمانة بقيادة عمل الأمانة بهمة وإخلاص وفق الموجهات السياسية للمؤتمر والإشراف على حسن أداء الأمانة لأعمالها ومتابعة تنفيذ قراراتها وما يتنزل إليها من قرارات وتوجيهات من مؤسسات المؤتمر وقياداته وكذلك رئاسة اجتماعات المجلس الاستشاري والإشراف والتأكد من اتساق نشاط الدوائر فيما بينها واتّفاقها مع أهداف الأمانة. ويختص بترشيح أعضاء الأمانة والدوائر والشعب والمجالس لاعتماده من نائب رئيس المؤتمر ودعوة المجلس الاستشاري أوالأمانة للانعقاد ورئاسة تلك الاجتماعات وإعداد جداول أعمالها وفقاً لما تنظمه اللوائح. وتقديم تقارير دورية عن عمل الأمانة للمكتب القيادي وذلك بعد إجازتها بالأمانة. الزيارات التي تقوم بها الأمانة للولايات، هل يتم الترتيب المسبق لها؟ أم تتم دون علم الحزب بالولاية المعنية؟ - نحن كما تعلم النظام الأساسي للحزب نظم عمله بالولايات فالولاية لها هيكل وحينما نذهب لإنزال سياسات أو متابعة وتفتيش نخطر الحزب بالولاية ولا يجوز لنا التدخل أوالدخول دون إذن مسبق منه، ونقدم السياسات التي تأتي من الهياكل الاتحادية، وتستقبلها الولاية ونأخذ إفادات عمّا تم إنفاذه منها. في فترة الانتخابات كانت هنالك بعض الخلافات بالحزب بالولايات ومن بينها ولاية النيل الأزرق مما دعاكم بزيارة الولاية مرتين وجعلكم تستبدلون مرشح الحزب بالولاية حينها والاتيان بآخر، ومع ذلك فحال الحزب لم ينصلح حتى الآن، فهناك بعض المشاكل؟ - طبعاً الصراع في النيل الأزرق وفي كثير من الولايات تاريخاً يزيد وينقص حسب الظرف الزماني والمكاني ولكن في النيل الأزرق لأنها ذات طبيعة استثنائية ارتبطت باتّفاقية نيفاشا من خلال برتكول المناطق الثلاث وفيها المشورة الشعبية كان الوضع بها حساساً وما يزال لذلك نحن نقيم الموقف ونرفعه للجهات العليا التي من شأنها اتخاذ القرار المناسب وحينما قيمنا بأنه لابد من تغيير مرشح الحزب تم تغييره في تلك الأيام، ثم ذهبنا للمرة الثالثة ورأينا أيضاً أن مرحلة المشورة الشعبية وبعدها تريد شخصية أكثر خبرة ورفعنا تقريراً بهذا المعنى للقيادة ورأت أيضاً أن تغيير قيادة الحزب برئيسه الآن، أعتقد أن الأمر الآن في النيل الأزرق يسير نحو الأفضل حيث تم تفعيل هيكلة الحزب وأجهزته، تمت كثير من التفاهمات في المشورة الشعبية، والشريكان يعملان في اتّساق لإصدار ميثاق سياسي يؤطر أمر المشورة الشعبية ويتم ذلك بالتنسيق مع ولاية جنوب كردفان، كذلك من مجهوداتنا في هذا الإطار قدمنا مذكرة وتكونت لجنة عليا للمشورة الشعبية برئاسة د. نافع علي نافع نائب رئيس الحزب لتُشرف على أمر المشورة الشعبية بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. هناك حديث عن فشل المؤتمر الوطني بالنيل الأزرق في إدارة عمل الحزب بالولاية، فكلما أتى المؤتمر الوطني برئيس للحزب بالولاية تمكن والي النيل الأزرق رئيس الحركة الشعبية من السيطرة عليه وهناك الآن تخوف على الحزب في ظل القيادة الحالية. ما تعليقك؟ - الأمر ليس كذلك فالأخ عقار والي النيل الأزرق كان قبل الانتخابات والياً للولاية والكل يعلم قدراته وصلاحياته بموجب الدستور لذا فهو يمارس دوره كوالي، وحزب الوطني بالولاية يعمل بدوره كشريك للحركة هناك، لكن من خلال المتابعة التغيير جاء لضرورة في حينها ولحاجة في المركز لتمثل بعض قياداته الولايات في المركز، أيضاً لم أرى داعياً للتغيير إلا من هذا الباب. ü البعض برر الغياب التنظيمي والحضور الفاعل للحزب بالولاية بخشية أن يكون مصير الولاية عقب الاستفتاء غير واضح وغامض والبعض يتوقع انضمامها للجنوب؟ - النيل الأزرق جزء من الشمال والمشورة الشعبية منظمة طبقاً لبرتكول ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، تم نظم هذا البرتكول في قانون المشورة الشعبية وهو لم يضع أي نص ينص على أن النيل الأزرق أو جنوب كردفان جزء من الجنوب، والمشورة حق لأبناء الولايتين ليقيموا ويقوموا الاتفاقية وهل حققت طموحات أبناء الولايتين أم لا؟ وإذا لم تحقق إلى أي درجة يمكن أن تعالج لتحقق طموحاتهم وآمالهم في التنمية والخدمات والاستقرار وهي مربوطة بآليات على مستوى رئاسة الجمهورية ومفوضية على مستوى الولاية المعنية بالمجلس التشريعي الولائي ومن بعد ذلك تعقد بعض الورش للمشرفين والمراقبين لتنفيذ اتفاقية نيفاشا وبرتكولاتها، وأعتقد أن كل هذه الآليات الآن انتظمت وكل المطلوب أن تعمل على التنسيق السياسي بين الشريكين والتنسيق بين أبناء الولاية الواحدة ليقولوا كلمتهم في المشورة الشعبية والكلمة التي تقال لابد لها من آليات، فالآن الجهات المحايدة والمشرفة والمتابعة تخلق هذه الأجسام وتقدم مقترحات كيفية أخذ الرأي حول المشورة الشعبية. توقعاتك في ظل الواقع الحالي لمصير ومستقبل النيل الأزرق؟ - النيل الأزرق جزء من الشمال وستظل كذلك، لكن قد يكون هناك اعتراض من كثير من أبناء الولاية بأن الاتفاقية لم تحقق طموحاتهم وذلك لأنني لم أر قانوناً مضطرباً في حياتي مثل قانون المشورة الشعبية فهو قانون نصوصه فضفاضة جداً، فكلمة طموحات لا سقف لها ولا حدود «ممكن أكون عايز أسكن في عمارة مكونة من 100 طابق»، فكلمة طموحات ليست لها معيار واضح إلا أن ترتب عبر الورش والمعايير المحلية والعالمية التي يمكن أن يتواضع عليها الناس، وكذلك القانون لم يحسم كيفية حسم القضية إن حققت أو لم تحقق لم يذكر أغلبية مطلقة أو ميكانيكية أو نسبة من السكان أو القيادة وهكذا، ولم يفوض حزباً ولذا نعمل الآن في صمت شديد وترتيبات حول توافق سياسي في الولايتين بين الأحزاب السياسية وشركاء الحكم. من واقع وضعكم الإشرافي على النيل الأزرق هناك حديث عن وجود عسكري مكثف للحركة بالولاية، كذلك فتح معسكرات للتدريب ونقل سلاح عبر النيل الأزرق إلى أي مدى تتابعون ذلك على البعد السياسي؟ - أقول لك نحن أمانة للاتصال التنظيمي لا شأن لها بالاتصال السياسي أو الاقتصادي أو العسكري فهناك أمانات داخل الحزب تقوم بدورها في هذا الإطار. من واقع تنظيمي هل أنت واثق من وجود تنظيم فاعل بالنيل الأزرق قادر على مواجهة تحديات المرحلة السياسية والعسكرية والأمنية؟ - نعم نحن مطمئنون فالحزب بالنيل الأزرق موجود، قد يكون مرتباً وقد يكون فيه ضعف في بعض المناطق، إضافة لبعض الخلافات شأنه شأن بقية الأحزاب، فنحن نعمل على معالجة أي خلل كان من ناحية تنظيمه حتى يكون قادراً وفاعلاً وعندها سيقوم بدوره. في حال الانفصال وخروج الحركة الشعبية عن السلطة والبلاد، ما هو مصير النيل الأزرق في ظل وجود والي مرشح فائز بالانتخاب؟ - نقول إن النيل الأزرق جزء من الشمال ونحن حقيقة نرجح خيار الوحدة كمؤتمر وطني وإن كانت المؤشرات تشير للانفصال لكن ستظل النيل الأزرق جزء من الشمال ولذا لكل حدث حديث في حينه، فالآن هناك تفاهمات ما بيننا والحركة بالولاية حول المشورة الشعبية مصيرها وكيفية تحقيقها وآلياتها، وأعتقد أن كل الذين خرجوا من الشماليين وانضموا للحركة الشعبية كانت لهم مطالب وقضايا محلية بحتة في ولاياتهم ومناطقهم والآن إذا خاطبوا المؤتمر الوطني يمكن أن ينضموا لقطاع الشمال ودونما يؤثر ذلك على علاقتهم بالجنوب. هل هذا الحديث مؤشر لأن يعمل الحزب من خلال إجراء عملية تحويل سياسي في قيادات الحركة بالمنطقة؟ هل تتخيل مثلاً أن ينضم مالك عقار للمؤتمر الوطني؟ - الكل يعلم أن عقاراً كان يدعو في كل تصريحاته للوحدة ومازال، وله علاقات جيّدة بالمؤتمر الوطني ولا أذيع سراً إنه بدأ حوار مع الإخوة في النيل الأزرق حول المشورة الشعبية، ونحن نرجح الوصول لتفاهمات سياسية حولها ليتدخل الأحزاب بالولاية بما في ذلك الشريكين. هل تتوقع شخصياً إمكانية انضمام عقار للوطني؟ 0 لا أتوقع حدوث ذلك في الوقت القريب ولكن ستكون بعض التفاهمات عقب الانفصال. بصفتك قيادي بالوطني وهنالك بعض الخلافات الحادة جداً بين حزبكم والحركة الشعبية ونظرتكم للانشقاقات داخل الحركة للإرهاصات بالهجوم على قيادات قطاع الشمال.. وخطة الحركة لإجلاء قيادات قطاع الشمال لبعض دول الجوار. ما هو تقييمك لذلك؟ - التقييم في رأيي أن أي حزب إن لم يكن على فكر يربط الناس بمبدأ يكون مصيره مثل هذه المشاكل «ما بُني على باطل فهو باطل» لأن تضارب المصالح التي لا تستند لمرجعية تحسم العمل يعصف بأي حزب أو أي مشروع، كذلك أعتقد أن أي تنازع حتى إن كان من جهة عدوة بالنسبة لنا فلا أجندة لأن ما حدث للحركات المسلحة في دارفور من تشرذم صعّب علينا الوصول لصيغة سلام واتّفاق صريح ولا ندري مع من نتحدث، وأقول حتى وإن حدث الانفصال لو ظلت علاقات الحركة بقطاع الشمال جيدة يمكن أن يخلق ذلك صورة زاهية لعلاقات الجوار بين دولتين وعلاقات شخصية وعلاقات منافع وقد يحدث إندماج بينهما في المستقبل، لكن أن يحدث مثل هذا التنازع ويؤدي لكثير من الضغائن والكراهية وهذا ما يُصعب معالجته سواء في المستقبل القريب أو البعيد.