في إجابته على سؤال مذيعه قناة الجزيرة التي سألته عن سر النهضة المدهشة التي أحدثها في ماليزيا خلال سنوات قيادته لها، قال مهاتير محمد أنا لم أفعل شيئاً غير أننا شخصنا المشكلة وصوبنا تجاهها المعالجات، وقال إن الماليزيين كانوا يعتمدون على زراعة تقليدية لاتطور الاقتصاد، وأنه ركز على التعليم والتدريب لإحداث الثورة الصناعية، وقام بابتعاث أعداد ضخمة للتدريب في اليابان وكوريا، فعادوا بروح جديدة وقدرات كبيرة لننفذ بهم خطتنا .... وبالفعل نجح الرجل ... فالدولة الزراعية التي كانت تعتمد عى انتاج وتصدير المواد الأولية الى الدول الاخرى تحولت إلى دولة صناعية متقدمة جداً، يسهم قطاعا الصناعة والخدمات فيها بنحو 90% من الانتاج المحلي الاجمالي، وبلغت نسبه السلع المصنعة 80% من إجمالى الصادرات... لتشهد بعد ذلك ماليزيا التطور المذهل الذي نشهده في المعمار والبنى التحتية، وزاد دخل الفرد فيها أرقاماً كبيرة جداً تحول أهلها من الشقاء إلى الراحة... هذا الحوار التلفزيوني ظل عالقاً بذهني برغم أنه قد مر عليه سنوات تذكرته وأنا أتابع حالتنا وأقارن ... ففي ماليزيا هناك تعددية مثلنا، وإن كانت أقل من التنوع الموجود عندنا، لكنها عرفت كيف تخلق التعايش بينها وتجعل الدولة تتقدم على الفرد، والأحزاب على عكسنا نحن الذين نعمق كل يوم وآخر القبلية فينا ونضر بها أنفسنا... كما أن ماليزيا كانت دولة زراعية مثلنا، لكنها باهتمامها بالعلم وبالتدريب أحدثت النقلة التي عجزنا نحن أهل الموارد الضخمة من تطويرها في غياب التخطيط والتدريب الواسع، بل نجعل التدريب البند الأضعف في بنود ميزانياتنا، وأول البنود التي تشطب لإجراء معالجات آخرى في الميزانية .... كما أننا لانهتم بالتعليم الفني كثيراً ... عموما أقول إن الحوار الوطني ومخرجاته يجب أن تكون قد شخصت الحالة السودانية بدقة، ووضعت لها العلاج اللازم... ويجب عقبه أن نودع الصراعات التي انهكت الوطن، وأن نلتقي جميعاً في (القومة ليك ) ياوطن ... لاننا إن شخصنا المشكلة ووضعنا العلاج ولكننا لم نتعاطاه بالشكل المطلوب لن ننهض ببلادنا التي كفاها حروب ... كفاها تمرد ... كفاها صراع على السلطة ... كفاها ...كفاها آخر الكلام إن الدول العظمى تدرك أن مقومات النهضة كلها موجودة بالسودان، وتنزعج لذلك ولاتريدونا أن ننهض ونصبح قوه اقتصادية متقدمة تحتل موقعها الجغرافي المميز، وآن الآوان بعد الحوار أن نتجاوز كل الماضي وننهض بهذا البلد الذي سبقته دول كثيرة لاتملك نصف ما نملك من موارد... بينما نحن نتصارع من أجل لاشئ وقطعاً إذا نجح الحوار، وخلصت النوايا وزرعنا الثقة في أنفسنا وفي بعضنا، سيتحقق كل ما نريد وكل ما نحلم به .