ثمة سبب دفعنا الى أن نجلس الى شقيق الفنان الراحل محمود عبدالعزيز ونجري معه هذا الحوار، من بينها أسباب تتعلق بالرجل نفسه وهو ينتمي للحزب الاتحادي الأصل، وأحد مرشحيه في القائمة النسبية للانتخابات الماضية، والآخر حديث خاص عن محمود نفسه وأسرته الصغيرة بعد أكثر من ثلاث سنوات لرحيله.. مأمون عبدالعزيز هادئ يشبه محمود كثيراً، مرح جلست اليه (آخر لحظة) وأجرت معه الحوار ؟ حوار: علي الدالي *عرفنا بنفسك؟ - طيب قبل أن أعرفك بنفسي التحية لآخر لحظة وكل صحفيي بلادي، أهل السلطة الرابعة، أنا مأمون عبدالعزيز متزوج وأب، وأسكن بحري حي المزاد. *ربنا يرحم الأستاذ محمود عبدالعزيز كيف وضع الأسرة الآن بعد سنوات من رحيل (الحوت) ؟ - الجرح الذي خلفه محمود فينا لم ولن يندمل، وسيبقى محمود دائماً فينا وحادينا وكأساً قد صنعناه بأيدينا من الجرح الذي يمشي على الجرح الذي فينا، والمساحة التي تركها محمود لازالت كما هي فارغة، وكلنا نحس هذا الفراغ الكبير، وكان محمود بالنسبة لي ليس شقيقاً فقط فكان هو الوالد الذي ربانا. * الجميع شهد لحظات التشييع الكبير والموكب المهيب الذي رافق الجثمان، كيف تبدو علاقتكم بمعجبيه الآن ؟ - منذ أن لزم محمود الفراش الابيض في المستشفى شكل (الحواتة) حضوراً كبيراً وبهياً خفف علينا كثيراً حتى لحظات وفاته، وسيظل التاريخ يحفظ لكل معجبي محمود هذه الوقفة العظيمة من هؤلاء الشباب، وفي الحقيقة لم تدهشني هذه الجموع الغفيرة التي شيعت جثمان شقيقي حتى واريناه الثرى ورقد بسلام، لأنها ببساطة هي خصلة متجذرة في شعب السودان عموماً، وفي محبي الحوت على وجه الخصوص، وحتى هذه اللحظة لم ينقطع المعجبون من الحواتة، ومجموعة محمود في القلب، وغيرها من الزيارات للمنزل والوالدة وأسرة محمودة الصغيرة ومواصلين في أعمال الخير. *على ذكرك لأسرة محمود الصغيرة هل من رعاية رسمية للأسرة أعني من الجهات الحكومية ؟ - لا(مافي .. بالجد مافي) ما بكذب عليك مافي، هنالك مبادرات فردية، لكن محمود ماشاء الله كان مزواجاً وابنه البكر مصعب خريج من المدارس الصناعية، يعمل في السوق، والتيمان راضي ورامي مازالا طالبين في الجامعات، أحدهما يدرس في الهند على نفقته الخاصة، ولديه ابنة في مدني تدرس والتيمان الصغار تلاميذ بالمدارس. *على مستواك الشخصي تفاجأ الناس بترشيحك في القائمة النسبية للحزب الاتحادي الأصل وتداول خبر تشريحك في القائمة إبان اللانتخابات الماضية في الأسافير لأنك شقيق محمود، كثيرون عدوا الأمر انتهازية للاتحادي وأنه يريد أن يستفيد من زخم وجماهيرية الحوت؟ - في البداية الأمر في غاية البساطة، فأسرتي جذورها اتحادية وختمية، وأتذكر في طفولتي كنت اصطحب الوالدة لزيارة ضريح السيد علي الميرغني، وفي صغري شهدت انتخابات في بحري، كانت الأسرة تدعم فيها الاتحادي ومرشحه نصر الدين السيد، وكنت مرافقاً للوالدة في دعمها للحملة، وجدي لوالدتي خليفة، وجدتي لوالدتي أيضاً ختمية، وجارنا ختمي ومعظم خيلاني محجوب وإبراهيم هم أبناء الست نايلة، وهم أولاد خال أمي. *أتعني أنه تربطكم علاقة مصاهرة بالمراغنة؟ - (أيوااا الله يفتح عليك) لدينا مصاهرة من جهة أمي عن طريق السيدة نايلة، وأتذكر أن السيدة نايلة كانت تزورنا في المنزل وبصحبة عدد كبير من حيرانها. وأنا لم أنزل الانتخابات على خليفة زخم شقيقي محمود، أو لأن الحزب يريد الاستفادة من الحواتة هذا ليس صحيحاً، أنا أتحادي الهوى والهوية، وانتمائي ليس وليد اللحظة، واعتبر قرار ترشيحي تنفيذاً لتكليف حزبي. .*ماذا قدم لكم الحزب الاتحادي كأسرة والحزب شريك في الحكومة وقد شكيت من الإهمال الحزبي؟ - والله دون مجاملة أو دفاع عن الحزب أنا ممتن جداً للسيد الحسن الميرغني، فقد تبرع لنا بعمرة أنا والوالدة ووهبناها لروح المرحوم محمود عبدالعزيز، ثم لم يقطع الاتصال والسؤال عنا وأسرة الحوت وظل قريباً منا، شخص آخر من الحزب كان صديقاً شخصياً لمحمود ومازال صديقاً للأسرة، بل ونعتبره أحد أفرادها وهو الصديق أسامة حسونة، وقد كرمته مجموعة (محمود في القلب) ليس بصفته وزيراً، ولكن بصفته صديقاً شخصياً للحوت.. وهو داعم للأسرة، وهذه فرصة والله أريد أن أشكر السيد الحسن الميرغني وربنا يتولاه بالعافية، ونحن في الأراضي المقدسة دعينا له بالشفاءالعاجل وربنا يطول في عمره. *نعود للأسرة هل مازال المنزل يعج بالزائرين ويحتفظ ببريقه والزخم الذي كان يحظى به أيام محمود؟ - طبيعي أن يخيم الحزن على المنزل وأن يخفت بريقه وتقل حركة الزائرين، لأنه من كان سبباً في ذلك كله قد رحل الى جوار ربه، لكن المعجبين لم ينقطعوا وظلوا على تواصل دائم يتفقدون أبناءالمرحوم ووالدتنا. *قلت إن معجبي محمود حافظوا على المواصلة في الأعمال الإنسانية التي كان يقوم بها الراحل ماهي أبرز هذه الأعمال؟ - حقيقة والله تفاجأنا أن عدداً كبيراً من الناس أيام العزاء يذرفون الدموع ويبكون بحرقة، وهم أناس بسيطون، ثم يبدأون مباشرة في الحديث عن أن محمود كان يفعل كذا وكذا وكذا، ووسط دهشتنا يدخل علينا آخر وبعد القيام بواجب العزاء يحكي أنه طبيباً صيدلانياً وقد زاره محمود ذات مرة متنكراً وهو يحمل دفتراً ومبلغاً مالياً كبيراً، ثم قال لي يادكتور (دي قروش خليها معاك ولما يجي زول محتاج ما ترجعوا أصرف ليه الدواء) وسجل القيمة فقط في الدفتر، وأذكر أن امرأة أيضاً جاءتنا وقالت إنها أم لأطفال يتامى كان محمود يتولى أمرهم.. وأخرى أنهار منزلها في موسم من مواسم الخريف، انهار والأثاث داخله فتكفل محمود باصلاح المنزل وشراءالأثاث من جديد، والناس تحدثت كثيراً عن أعمال محمود الجليلة. *كانت قد سرت شائعات قوية تقول بإن الحواتة في طريقهم الى التحول لجسم سياسي؟ - مقاطعاً.. لا لا هذا حديث غير صحيح، الحواتة في الأصل جسم طوعي لاعلاقة له بالعمل السياسي، واستبعد جداً أن يفكر هؤلاء الشباب بمثل هذا التفكير لأسباب، من بينها أن الجسم يضم شباباً كثيرين مختلفين في طرائق تفكيرهم وتوجهاتهم، ومنهم من يبغض العمل السياسي نفسه، لذلك سيظل الحواتة جسماً خدمياً يعملون لخدمة الناس البسطاء، ويقدمون ما ينفع الوطن والمواطن، دون مقابل غير الثواب من الله تعالى والدعوات لحبيبهم محمود، ومتأكد جداً (لو تحول الحواتة الى حزب سينفض). *ومازال الحواتة لديهم مشاريع خيرية ؟ - نعم في رمضان الماضي كثير من مجموعات محبي محمود قدمت كيس الصائم وغيره، وكسوة العيد، وهم يعملون بصمت وبعيداً عن الأضواء والإعلام . *وكان محمود حركة شعبية ثم يقال إنه حول ولاءه للمؤتمر الوطني أليس كذلك؟ - الصحيح أن محمود كان يؤمن بمنفستو السودان الجديد، ومحب للدكتور جون قرنق ولم يكن أحد كوادر الحركة الشعبية الملتزمة، كما لم يكن أيضاً مؤتمراً وطنياً في يوم من الأيام، ولكنه أحيا مع عدد من الفنانين حفلات ترفيهية مصاحبة لحملات السيد رئيس الجمهورية المشير البشير في العام 2010، هذه المسائل لا يمكن أن تصنف محمود كسياسي، ويمكن أن نقول عنه إنه كان وطنياً يحب وطنه وشعبه. *وكان صوفياً متبتلاً ؟ - نعم كان صوفياً زاهداً ودرويشاً عاشقاً لنبي الهدى والرحمة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كان في أيامه الأخيرة ملازماً للشيخ الصائم ديمة بأمبدة . *كلمة أخيرة؟ إن كان ولابد فطبيعي أن أخصصها لأشقائي في الحزب الاتحادي، وبالذات للقيادة.. وأقول إن الاتحادي حزب شبابي وفي برنامجه مخرج لمشاكل الشباب.. إذن فليعطوا الشباب فرصة وليتحول الكبار الى مجلس استشاري يوجهون الشباب ويرشدونهم.