منذ أن عرف السودان وهو مجموعة من القبائل تشكل تكوينه وتعايشه بتناغم مع بعضها البعض، فما الذي جد حتى طفت على السطح هذه النعرة القبلية المقيتة، ماذا دهانا حتى أصبحت قبيلتي وقبيلتك هي اللغة الرسمية التي تسير دفة الأمور في بلادنا؟؟ القبلية هدت حيل البلد، كل الحروبات التي تدور رحاها الآن تغذيها القبلية تحت دعاوى التهميش وعدم التنمية!!.. والتنمية دي متوفرة وين ما عارفنها (عليكم الله العارف يورينا)، تمزق النسيج الاجتماعي بيننا بسبب القبلية في أماكن العمل عند إخفاق أي موظف في الحصول على ميزة تخصه سواء أن كانت مادية أو معنوية، طوالي يقول عشان أنا ما من قبيلة المدير، وهذا الموقف حدث أمامي (ما جابوه لي قوالة)، أصبح السؤال من القبيلة حتى في ورق الحكومة الرسمي وهذا لعمري قمة البؤس والتخلف، لأن الأفعال هي ما تحكي عن التصرفات وهي بدورها المسؤولة عن تقييم أي شخص، فسلوك الإنسان مرآه تعكس تصرفاته وليس قبيلته. من المؤكد مرت على الكثيرين منكم وقرأتم المهازل التي تنزل بالصحف والتي تسمى ظلماً واقتداراً تهاني وتبريكات، وذلك عند تشكيل أي حكومة جديدة، القبيلة الفلانية تهنئ ابنها فلان بنيله ثقة الرئيس وتعيينه في المنصب العلاني!! وكأن هذا المنصب برستيج ومظهر اجتماعي يقشر بيه يومين تلاتة وليس لخدمة البلاد والعباد، كم حكومة تعاقبت على حكم هذا البلد منذ استقلاله وحتى يوم الناس هذا، هل سمعتم بمثل هذه الإعلانات الكارثة؟؟.. والله لو كنت أدير أمر صحيفة لا أقبل بمثل هذه السموم أن تنشر بصحيفتي مهما درت عليّ من أموال، لماذا أصبحت القبيلة هي من تسيطر على مفاصل التعيينات والترضيات وإرضاءً للقبيلة يمكن أن يتم تعيين شخص ما فارز (الأحد من الثلاثاء) لا مؤهلات لا إمكانات وعندما تظهر إخفاقاته للقاصي والداني يترددون في إقالته خوفاً من حرب داحس والغبراء التي قد تنشب بسبب قبيلته. إنها هاوية نسير نحوها بكامل إرادتنا وقوانا العقلية، أصبحت القبيلة تتحكم في أي ثروة تقع داخل حدودها الإقليمية، والويل والثبور لمن يتعدى عليها وشايفة الموضوع ماشي متطور وانتقلت العدوى إلى ولايتي وولايتك مستعجلين على تقسيم البلد مالكم؟؟ أصبح داخل كل منا مرجل يغلي ينتظر رفع الغطاء اسمه القبيلة، وأنت جنسك شنو هي من يرسم مستقبلنا الضبابي، فعلى مستوى حياتنا الاجتماعية يتقدم أحدهم لخطبة فتاة تكون له المودة والاحترام ولما الكلام يخش الحوش تنبري إحدى الأسر سواء أن كانت أسرتها أو أسرته بأن هذه القبيلة لا يشرفنا الاقتران بها!!.. ويفترقان ويذهب كل منهما إلى حيث تتشرف أسرتاهما!! نقر ونعترف بأن المجتمع السوداني مجتمع قبلي، لكن لم تكن القبيلة في السابق تتحكم فينا إلى هذه الدرجة المرعبة. على كلٍ لن نستطع تغيير المفاهيم بين عشية وضحاها ولكن أملنا في الأجيال القادمة أن تنظف قلوبها من هذه النفايات المسماة (قبلية).