قلنا مرة عن الفتى «محمد عبدالله يعقوب»، الطالب بالجامعة، إن الصحافة سوف تنتظرُهُ قلماً ناضجاً، وأن المنابر قريباً إن شاء الله سوف تحتفي بقلمٍ غضِّ الإهاب عميق الرؤية، مكين اللغة، حازم الرأي.. وننشُرُ هُنا الرسالة الثانية التي تردُ إلينا من الابن محمد عبدالله، لأنهُ يقولُ فيها ما ينبغي أن نسمعهُ جميعاً. الأستاذ /علي يس / المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أي مراقب للواقع الاجتماعي السوداني الآن يدرك أن النسيج الاجتماعي السوداني أصبح مهترئاً وبالياً، وأضحى الإحساس بالمسؤولية الوطنية في خبر كان، لا أحد يهتم بأمر هذا الوطن من وزيرنا إلى خفيرنا وأصبح هم الغالبية العظمى منا هو المصلحة الشخصية أولاً ثم القبيلة أو العرق ثانياً، أما الولاء للوطن أومسقط الرأس فأصبح في حدود ما يخدم المصلحة القبلية أو الشخصية اللتين أضحتا من أولى أولويات الفرد السوداني، ليس مهماً إن كان هذا الوزير فاسدًا أو ذاك الوالي فاشلاً في ظل السياسة الراهنة، المهم أنه من القبيلة وذلك يكفي، حيث ما إن تشكل حكومة في بلادنا حتى تطالعنا الصحف بإعلانات التهاني من إمارة القبيلة الفلانية بمناسبة نيل ابنهم المنصب العلاني أو المنطقة الفلانية أو.. أو.. مما يسبب الغيظ والشعور بالدونية أو الظلم في أوساط بقية القبائل والمناطق بينما تفتخر وتحتفل القبيلة التي تم اختيار ابنها ليس لأنه سينمي الإقليم أو سيخرج القبيلة من جهلها ولكن فقط لأنه ابنهم ويكفيهم ذلك شرفاً.. وكيف لا يفعلون ذلك إذا كانت الحكومة نفسها تسعى إلى تكريس هذا الفهم المغلوط بتعيينها الوزراء على أساس الانتماءات القبلية والجهوية؟؟ - كثيرون تحدثوا عن التدخل الأجنبي في بلادنا وأسهبوا في الحديث عنه دون أن يتطرقوا للأسباب التي أدت إلى نجاحه ومن تلك الأسباب المرارات التي تولدها مثل التصرفات أعلاه فالخارج لديه أجندته التي يريد تمريرها عن طريق مواطنين يشعرون بأنهم مظلومون وأعني بهؤلاء آلاف الجنود الذين انضموا إلى الحركات المسلحة ولا أقصد زعامات التمرد. أيتها الحكومة.. كل ما تقومين به من موازنات قبلية وجهوية وعرقية لا تخدم المواطن في شيء، حتى ولو اتجهت إلى تعيين كل الشعب السوداني في مناصب رفيعة ولم تقومي بتفعيل القوانين الناجزة التي شرعتيها فلن يرضى عنك المواطن الذي يشاهد بأم عينه كيف يسرق المال العام نهارًا جهارًا وأنت عاجزة عن حمايته بل أحياناً متواطئة مع المفسدين بالوقوف إلى جانبهم للإفلات من المساءلة القانونية، كيف يثق بك المواطن إذاً؟، نقول هذا ونحن من نعيش وسط الناس العاديين، نقول إذا قامت الحكومة بتفعيل القوانين ومحاسبة المفسدين وضبط أوجه صرف المال العام وعدم مجاملة أيِّ شخص أيَّاً كان فعندها يشعر المواطن بالأمان والعدالة ولا يهمه حينئذ من الوزير حتى إذا استوردت الحكومة وزراءها من موزمبيق!!. لا يهم ما دامت الرقابة فعالة والقانون ناجزاً والحرية مكفولة للجميع فحينها تكون المناصب الحكومية غير ذات أهمية بل طاردة لأن غالبية المتمسكين بهذه المناصب والساعين إليها من المعارضة لا يشغل بالهم سوى المصالح المادية الخاصة أما الآن فالمنصب الحكومي أصبح عبارة عن دجاجة تفرخ ذهباً فبمجرد إعلان الوزارة الجديدة يتقاطر الناس زرافات ووحدانا صوب منزل المسؤول « المعاد تعيينه» مهنئين ومباركين، وتذبح الذبائح وتدق الدفوف ويغني المغنون! لمَ لا وقد أصبح المنصب الحكومي تشريفاً و«تلغيفاً» وليس تكليفاً. وأختم بآيات من القرءان الكريم : - (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا). سورة الأحزاب آية «72».. - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُون )َ «27» سورة الأنفال محمد عبدالله يعقوب مصطفى طالب علوم إدارية جامعة الخرطوم