حكي صاحبي وزميلي عراب الصحافة الفنية في الوطن العربي علي فقندش انه خلال حضوره أيام مهرجان بومباي السينمائي في إحدى دوراته ، استوقفه مشهد مأساوي لدرجة البكاء ، المشهد حسب صاحبي يتمثل في سيناريو شاب مبتور القدمين ، كان يجلس يوميا في زاوية في احد الشوارع ويعزف على آلة شعبية هندية ويغني بصوت يشبه المناحة عن مأساته التي تسببت فيها امرأة أحبها ولكنها تركته وذابت في زحام الحياة ، ولأن صاحبي فضولي كعادة الصحافيين في كل زمان ومكان فقد أجرى مع العاشق المعوق دردشة تعرف فيها عن أسباب إعاقته ، فسرد الرجل انه كان يحاول اللحاق بحبيبة قلبه الهاربة في القطار ومن سؤ حظه سقط تحت عجلات القطر وتعرض إلى إصابات بليغة استدعت بتر قديمه ، وقمة المأساة كما جاء في الدردشة ان حبيبة الرجل التي يبدو انها ( مفترية ) ، لم تواسيه أو حتى تلقي عليه نظرة وداع وذابت في تضاريس الحياة بينما ظل وحيدا يحمل إعاقته ويغني لها ، آه ثم آه ...يا جماعة الخير، تذكرت حكاية صاحبي فقندش مع الهندي مبتور القدمين والسودان بجلالة قدره قادم على مرحلة البتر خلال الايام المقبلة ، اقسم بالله العظيم ان من يشاهد خارطة السودان المبتور لا بد ان يذرف الدمع على حال الوطن ،عفو ايا أحبه ضعوا خارطة الوطن إمامكم وقوموا بشطب الولايات الجنوبية بالكامل وبعدها طالعوا مشهد خارطة السودان الجديد ، اقطع قلبي بيدي لو ان أصحاب القلوب الضعيفة والحساسية يستطيعون كتم دموعهم من هول المشهد الحزين ، صدقوني سنفقد الكثير من الميزات بعد عملية البتر فلن يكون السودان بلد المليون ميل مربع ، وسلام مربع للجدعان أقصد الخرعان ، كما ان الوطن المبتور لن يكون سلة غذاء العالم العربي ، ولن يكون اكبر بلد عربي في المساحة ، وقبل ان تصاب أعينكم بغشاوة الدمع ، ادعوا معي الجغرافيون إلى وضع خارطة للوطن المبتور ، لكن لدي سؤال يصفع أجعص جعيص وابن جعيص كمان ، هل سيمارس شمال السودان دور الرجل الهندي مبتور القدمين ويغني لحبيبه الجنوب على محطات القطارات وفي الطرق الوعرة والصحراوية وعلى المراكب التائهة في النيل الأبيض ، وهل سيؤثر البتر على الجنوب وكيف سيكون حاله بعد ان يبتر نفسه من تضاريس الوطن الام ؟ ، بالمناسبة بتر الجنوب لم يكن قضاء وقدر كما هو الحال بالنسبة للرجل الهندي العاشق وانما تم على يد كوادر سودانية لن يرحمها التاريخ ، للأسف السودان الموحد خرج من الجغرافيا ودخل إلى ردهات التاريخ وأصبحت له هيئة جديدة والجديد شديد كما في الخطاب العامي ، لكن مع حالة الوطن المبتور أفضل عبارة يمكن ان تناسب هذا الموقف ... الجديد بليد . وغنوا معاي حليلك يا وطن مبتور .