عندما ترجل الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول السابق لرئيس الجمهورية من منصبه في ديسمبر من العام 2013، قال إنه يريد التفرغ للعمل الإنساني بعد أن شغلته السياسة التي أمضى في دهاليزها نحو 23 عاماً، الحديث الذي أطلقه طه في ذلك الوقت لم يكن من أجل الاستهلاك السياسي، فقد أسس طه عقب مغادرته للسلطة بفترة وجيزة الموسسة السودانية لذوي الإعاقة وأصبح رئيساً لمجلس إدارتها، وبعدها دشن جائزة الإبداع والتمييز في مجال ذوي الإعاقة، وليس بعيداً عن العمل الانساني وفي إطار التخطيط الفكري عكف الأمين العام للحركة الإسلامية السابق الأستاذ علي عثمان على إجراء مراجعات شاملة لتجربة المشروع الحضاري للاسلاميين في السودان، منذ أن تمسكوا بمقاليد الحكم في العام 1989، طه حسبما نقلت الزميلة المجهر السياسي سيستعين في مراجعته الشاملة بخبراء ومختصين في المجالات الاجتماعية والسياسية والثقافية والتنظيمية . طه ليس رجل مبادرات ولكن بعض الإسلاميين يرون أن طه لم يكن رجل صاحب مبادرات في يوم من الأيام، فهو سياسي في المقام الأول، فقد عركها وعركته، ويقول القيادي بالمؤتمر الشعبي أبوبكر عبد الرازق إن علي عثمان طيلة عمره لم يكن صاحب مبادرات، لكنه عاد وقال إن التفكير في المراجعة خطوة مهمة كان ينبغي أن يقوم بها طه قبل أن يترجل من منصبه، عبد الرازق ربما لم يبد متحمساً لفكرة مراجعة المشروع الحضاري الإسلامي بواسطة علي عثمان، حيث أطلق عدة تساؤلات عن النتائج والمآلات التي ستسفر عنها عملية تشريح المشروع على شاكلة هل ستخرج الحلقات المصغرة التي يعقدها طه بمزرعته بضاحية سوبا في شكل توصيات وكتب؟ أم أنها ستصبح مجرد منتدي تنتهي فاعليته بمجرد الانفضاض منه؟ ورجح عبد الرازق أن يكون ما يقوم به الأمين العام السابق للحركة الاسلامية مجرد منتدى أسري، رئيس مبادرة سائحون فتح العليم عبد الحي ذهب في نفس اتجاه حديث أبوبكر عبد الرازق حيث يري أن طه رجل سياسي تنفيذي أكثر من أنه مفكر سياسين ولم يكتف عبد الحي بذلك، بل قال إن مراجعات طه على مر التاريخ لاتلامس جذور القضية، وهي عبارة عن مسكنات ليس إلا، وتوقع عبد الحي ألاتخرج مراجعة طه للمشروع الإسلامي عن المراجعات التي أجراها المؤتمر الوطني بشأن الإصلاحات نظرة غير عميقة ربما مبادرة طه لمراجعة المشروع الإسلامي فتحت شهية رئيس مبادرة سائحون في توجيه سهام النقد لعلي عثمان، حيث اعتبر أن مراجعتة للمشروع الحضاري بعد مضي 26 عاماً من استلام مقاليد السلطة بالبلاد، تؤكد أن نظرة طه طيلة هذه الفترة لم تكن عميقة، وقال إن طه كأنما يتلمس من خلال مبادرته هذه أن يكون له وجود في الحياة العامة، وأنه لايريد أن يتواجد في الهامش. مراجعات الترابي ويبدو أن الشيخ حسن عبدالله الترابي عراب الحركة الاسلامية سبق تلميذه طه في مسألة المراجعات الفكرية، ففي العام (99 -2000 ) أجرى الترابي مراجعة عميقة للأفكار وتجربة حزبه صدر عنها عدة مولفات للشيخ منها " المسير لإثني عشر من المسير، الحكم والسياسة، الإرهارب و الجهاد، الشعائر وأثرها في الحياة العامة " بجانب إصدار ورقة باسم الأخلاق من وراء الأحكام السياسية . حشد أصحاب الرؤى أبو بكر عبد الرازق أعرب عن أمله في أن تتم مراجعة التجربة والمشروع بواسطة أجهزة الموتمر الوطني والدولة، وأن يحشد لها أصحاب رؤى ومشارب فكرية مختلفة، حتى تتلاقح الآراء وتصدر عنها توصيات في شكل كتيبات، حتى تحقق الأغراض التي تمت من أجلها وتصبح نوراً تستضيء به الأجيال القادمة وتعمل به الأجيال المعاصرة