سينما كوستي الأهلية اسم له تأريخ ودور بارز في التثقيف والتنوير، عبرها أطل انسان كوستي على ثقافات وعوالم جديدة عبر السينما العربية – المصرية تحديداً- وأحدث ما أنتجته (بوليود) و(هوليود)، وفوق ذلك كانت مسرحاً رأى عبره مواطن المدينة لأول مرة عمالقة الفن في العام 1958، فكان وجهاً لوجه في حفل جماهيري كبير: حياه إبراهيم الكاشف وأحمد المصطفى وحسن عطية وعائشة الفلاتية، في أول رحلة فنية لهؤلاء المطربين الكبار خارج العاصمة، كما شهد مسرحها عروضاً لمسرحيات الفاضل سعيد وتور الجر وغيرها، في هذا الحوار التقينا بالأستاذ أبو التوم البشير عباس مدير هذه السينما منذ سودنتها في العا 1956، وحتى توقفها في العام 1996 فإلى محصلة هذا الحوار : حوار :مصطفى نصر سألت السيد أبو التوم: متى تأسست سينما كوستي؟ فقال: أسس هذه السينما أحد الخواجات (لم يحدد اسمه وقال كنا نسميه الخواجة ولم نتعرف على اسمه) في العام 1951، وقد كانت أول فرع لسينما (كلوزيوم) الشهيرة بالخرطوم خارج العاصمة، وكان اسمها الأول (كلوزيوم) وفي العام 1956 عند استقلال السودان قرر الخواجة مغادرة السودان نهائياً، فعرض السينما للبيع، فاشتراها السيد أحمد كوكو أحد تجار كوستي الكبار، وأطلق أسهمها للاكتتاب العام، فتحولت إلى شركة مساهمة عامة وفق قانون الشركات للعام 1925، وقد كانت شركة رابحة توزع الأرباح كل عام لحملة الأسهم في اجتماع الجمعية العمومية، وقررنا بعد شرائها تحويل اسمها إلى سينما كوستي الأهلية. هل قوبلت السينما بمعارضة من المواطنين في ذلك الوقت؟ قال لي أبداً، لأنها فرضت فرضاً من المستعمر البريطاني، وعند السودنة كان الناس قد تعرفوا على دورها وما تقدمه من أفلام ثقافية محترمة، فأقبلت عليها الأسر التي خصصنا لها البلكونة العلوية في شكل لوج منفصل لكل أسرة، فكانت الأسر بكاملها تقضي فيها سهرات جميلة، سواء في العرض الأول من 6-9 أو العرض الثاني من 9 ونصف حتى 11 ونصف م، ولم تكن لدينا عروض صباحية لأن السينما كانت مكشوفة ولم تكن صالة مغطاة. ماذا قدمت السينما من أدوار للمدينة؟ - كانت السينما تسهم بقدر كبير في إيرادات مجلس بلدية كوستي.. من خلال ضريبة الملاهي التي كنا ندفعها على كل تذكرة قرشان للسينما ونصف قرش ضريبة ملاهي، هذا بخلاف ضرائب أرباح الأعمال وضريبة الدخل للعاملين بالسينما، وكنا نساهم مع الجمعيات والروابط الطلابية والأندية في تقديم عروض لصالحها ونسمح لها بدخل إضافي غير ايرادات الشباك عبر التذاكر الإكرامية التي توزع بمبالغ مفتوحة لوجهاء المدينة والتجار، فمعظم الأندية وروابط الطلاب كانت تحسن دخلها من العروض السينمائية لصالحها،كما قدمنا أعمال خيرية كثيرة لن نتحدث عنها هنا لأننا ننتظر ثوابها عند الله تعالى. سألته هل اقتصر دور السينما على الأفلام فقط؟ قال لي أمام الشاشة كان يوجد بالسينما مسرح كبيرقدمنا من خلاله سهرات فنية لكبار الفنانين، وأذكر أن اول حفل كان في العام 1958، فكان جمهور مدينة كوستي وجهاً لوجه في حفل جماهيري كبير: حياه إبراهيم الكاشف وأحمد المصطفى وحسن عطية وعائشة الفلاتية، في أول رحلة فنية لهؤلاء المطربين خارج العاصمة.. وبعدها شهد المسرح عدة حفلات لوردي ومحمد الأمين وكابلي وعثمان حسين وعبد العزيز المبارك وزيدان إبراهيم وحنان بلوبلو، كما قدمت في خشبة المسرح عروض مسرحية لأبو قبورة والفاضل سعيد وغيرهم. متي كان آخر العروض في السينما؟ آخر العروض كان في العام 1996 ومنذ ذلك التاريخ توقفت السينما بعد إلغاء مؤسسة الدولة للسينما، التي كانت تضم متخصصين في السينما يقومون باستيراد أفضل الأفلام ذات القيمة الثقافية العالية من الخارج، وتؤجر للسينمات في جميع أنحاء السودان، ثم تجمع الأموال لاستيراد الأحدث، وبعد الغاء هذه المؤسسة أصبحت الأفلام مكلفة جدا لا بد من أن تشتريها للسينما الخاصة بك من الخارج وتوردها للسودان بالعملة الصعبة.