في مطلع التسعينات كنت علي ظهر (بوكس)ينطلق بنا بسرعه رهيبه في بادية من بوادي دولة عربية كنت السوداني الوحيد بينهم، سالني أحدهم :كيف حال السودان ?قلت بخير، وأنا أتوقع السؤال التالي وكيف حال حكومتكم؟ قلت لهم بخير وتسلم عليكم سلم لناعليها ، أوقول ليها إتعشي مع الخواجة قلت لهم من هو الخواجة ؟ ضحكوا وقالوا امريكا ،قلت لهم فهموني يا قوم، ماهي حكاية العشاء? قالوا: كلهم يتعشوا مع أمريكا ليلا، وفي الصباح يحدثونا عن النضال، يا سودانيين اتعشوا عند الخواجة، وبطلوا (هدار)ضربت هذه الحكمة (البدوية) (اذني)، وأنا مجرد مواطن (سوداني) مغترب وهائم في بلاد الله بحثا عن لقمه عيش. وربما ذات الحكمة قد سمعها أهل النظام داخل القصور والغرف المغلقه، والتطابق في (وجهات النظر)، العربية سواء الرسمي منها والشعبي كان بنظر للسودان آنذاك (بإشفاق) فالشعارات المرفوعة أكبر من الحجم والوزن والإمكانيات لا يمكن أن تحارب امريكا وتهددها بدنوا العذاب وأنت لا تملك في يدك واحدة من أدوات التأديب للمارد الأمريكي. لقد دفع السودان ثمنا غاليا وهو يواجه حصارا اقتصاديا رهيبا انعكست نتائجه (شقاء وفقرا وجوعا ومرضا) وانشطر السودان الي نصفين الأمر الذي زاد من المعاناة. .. أن تأتي متاخرا خير من ألا تأتي. .الآن بدات مرحله جديدة وجادة في طي صفحة مؤلمة شهدنا رفعا جزئيا للعقوبات وجاءت خطوة أمس الأول والتي أعلنت من خلالها الاداره الامريكيه رفع العقوبات كلية عن المعدات الطبيه. صحيح أن أمريكا لم تقل صراحة إنها قامت بهذه الخطوة بعد اتفاق مع الحكومة الامريكية ولكنها شرحت دواعي الخطوة بانها جاءت استجابة لطلب تقدمت به مديرة مركز الخرطوم هنية فضل برفع الحظر لها والسماح لها بصيانة معدات أجهزة مهمة تساعد في شفاء النساء من السرطان، وعلي طريقه (سينما هوليود) جاء إخراج الخطوة بالبحث عن بطل (شعبي)لا (حكومي) للإعلان من خلاله عن خطوة كبيرة ومتقدمة في رفع عقوبات جائرة وظالمة لا يسندها منطق أو قانون أو دين أو أخلاق. طرق الإخراج ووضع المساحيق وتزيين خطوات التطبيع لا تهمنا كثيرا بقدر اهتمامنا بالنتائج والمحصلة النهائية والمتمثلة في رفع الظلم عن كاهل شعب تعب كثيرا ومنه حقه الخروج من شرنقة الحصار والتضييق..