تتميز الولاية الشمالية بموقع فريد ومؤهلات نادرة تجعلها كنزاً من متطلبات السياحة- فهي كما جاء في المبادرة الذكية تعتبر بوابة السودان من الناحية الشمالية ومعبر الرسالات وملتقى الحضارات وبوتقة الثقافات.. وقد عاصرت الولاية البدايات الأولى للحضارة الإنسانية وهي ملتقى الثقافة العربية والأفريقية وتملك أكبر عدد من المواقع الأثرية في السودان وأفريقيا.. حيث بها أكثر من ألف معلم أثري يؤرخ للقيم والأخلاق والموروث الثقافي لإنسان الولاية. ولكن الولاية الشمالية وبكل هذه الميزات ظلت نسياً منسياً في مجال السياحة واختصرت أنشطتها على الزيارات الفردية وبعض المجموعات التي تأتي من خارج السودان في فصل الشتاء على وجه الخصوص.. كما أن هناك عدداً من البعثات التي أدمنت التنقيب في بعض مواقع الآثار دون نتائج كما هو في البركل وكرمة.. وقد عاصرت أنا أعمل إداري بمنطقة كريمة مروي.. بعثة إيطالية تبقى في مواقع جوار جبل البركل لفترات امتدت لسنوات طويلة كل موسم شتاء دون أن تصل إلى نتائج أو متابعة وربما تكون هناك أمثلة أخرى في مواقع أخرى من الولاية. إن الولاية الشمالية كلها تعتبر كنزاً سياحياً.. ليس في مجال الآثار فقط.. وإنما كل معالم الولاية تعتبر جاذبة.. فالنيل يجري فيها وشواطئه الخلابة تزيده بهاء.. وتراثها وجبالها وصحاريها وفنونها وإنسانها كلها سياحة جاهزة.. كما أن الصيد فيها متعة والترحال راحة. إن الولاية الشمالية عالم بأكمله.. ولكن ظلت كل هذه الإمكانات السياحية راكدة إلى أن تم نفض الغبار عنها مؤخراً.. فالتفت العالم من حولنا وبدأ تدفق السياح حيث وصل الولاية في العام الجاري أكثر من ثلاثة آلاف سائح حسب الإحصائيات التي اطلعنا عليها وأول الغيث قطرة. إن الظروف الإقليمية من حولنا تتيح الفرصة واسعة للولاية بأن تصبح محطاً للأنظار وقبلة للسياحة.. ولا نود أن نسحب البساط من الآخرين.. لكن بساطنا سيظل مفروشاً لاستقبال القادمين. ونحمد الله أن هيأ للولاية قيادة في وزارة الاستثمار والصناعة والسياحة ممثلة في وزيرها الشاب جعفر عبد المجيد والذي تحس عندما تسمعه يتحدث عن السياحة والصناعة والاستثمار.. أنك تستمع إلى عالم متمكن. إن الولاية الآن قد انتفضت لتصبح وعاءً جامعاً للسياحة في كل مجال.. مستعملة في ذلك كل وسائل الميديا والتكنولوجيا من خلال المبادرات الذكية مع شركة نت 249 فخرجت المعالم المهجورة والمدفونة إلى الأضواء من خلال الوسائل المتعددة.. فبرز البركل تاج الملوك وحضارة كرمة (صب وصادتف).. وجزيرة صاي والكرو ومدافن العائلة المالكة وأهرامات نوري والشلال الثالث وفن النحت الصخري والشلال الثاني (كلب وعكاشة ودال - عمارة) وحتى وادي حلفا. وفي ذات الاتجاه الهادف لإبراز تلك المعالم تم الاتجاه الآن بقيام مهرجان كرمة والتي تعتبر قصة لا زالت تنتظر لتروى والتي تعتبر حضارتنا هي الجذور الحقيقية للأمة السودانية امتدت ضروبها جنوباً من الشلال الرابع حتى وادي حلفا شمالاً واشتهرت بتفوقها في مجال الفنون والصناعة خاصة صناعة الفخار والبرونز والطوب الأحمر.. وقد تبقت من معالم كرمة الآن معالم (الدفوفة). إن كرمة وهي ست الاسم.. أولى من يقام بها مهرجان يعيد تاريخها ويحدد وضعها.. ولأهمية المهرجان فقد تنادى نخب من العلماء وأساتذة الجامعات والمتخصصين والمهتمين بالسياحة والتاريخ ونهضة الولاية الشمالة وبدأوا الترتيب لقيام مهرجان كرمة في الفترة القادمة.. وقد جاء ذلك امتداداً لإعداد كان قد شرع فيه هؤلاء لقيام مهرجان للولاية الشمالية قاطبة.. ولكن الظروف أخرت تنفيذه.. والآن أجمع الكل بأن كرمة هي قلب الولاية ونوارة تاريخها.. أولى بأن ينفذ المهرجان باسمها تخليداً لسبق المكان واعترافاً بعظمة تاريخها ومن وضعوا ذلك التاريخ.. إن التداعي الذي يتم الآن للإعداد لقيام المهرجان والذي باركته حكومة الولاية وقادته ممثلة في وزارة الصناعة والاستثمار والسياحة.. لهو حق علينا لكرمة العظيمة وإبراز دورها في تاريخ السودان القديم.. وهو وفاء للآباء والأجداد في تلك البقعة المباركة. إن هذه المبادرة قد قادتها مجموعة من العلماء والمهنيين في قيادتهم بروفيسور عبده عثمان - الجمعية الوطنية لليونسكو، والأستاذ الفاضل محمد خير، والبروفيسور تاج السر بشير، والبروفيسور سيف الدين محمد الأمين، والأستاذ حسن محمد صالح، والأستاذة فتحية محمد الحسين، والأستاذة فوزية زيادة، والعميد مزمل أبوبكر وآخرون. إن مهرجان كرمة سيكون تظاهرة سياحية تاريخية اجتماعية فنية تنموية.. وسيكون نقلة حضارية تعمل على بعث أمجاد كرمة وعظمة الولاية الشمالية كلها.. وسوف تمتد آثار كرمة لكل أنحاء الولاية بمحلياتها وقراها ومدنها.. ونرى أن يصاحب المهرجان افتتاحات وتدشين لمجلات سياحية جديدة وأن يشمل البرنامج افتتاح وتشغيل منتجع الخندق وخط السياحة النيلية كرمة/ كرمة.. وافتتاح فنادق ومنتجعات بأنحاء الولاية المختلفة.. إن المهرجان يجب أن تتزامن معه أنشطة المبادرات الذكية خاصة شركة نت 249 والتي ستساعد على نقل الولاية من الانغلاق المحلي إلى الآفاق الواسعة الرحبة. إننا ندعو كل المهتمين بالسياحة ونهضة الولاية للانخراط في الإعداد والتحضير والمشاركة في هذه التظاهرة السياحية التنموية بالولاية. إن مهرجان كرمة لن ينتهي بنهاية الليلة الختامية وسيكون انطلاقة متواصلة في كل المجالات وفي كل أنحاء الولاية حتى يحقق مراميه في إطار نهضة الولاية الشمالية بالوحدة والإرادة والريادة.