ضرورة إنشاء وزارة للشوؤن المستقبلية هناك العديد من الأسئلة المتعلقة بالعديد من الأزمات المزمنة، والتي من بينها أزمة الوعي الحضاري التي نعيشها على المستوى المحلي، والمستوى الإسلامي والمستوى العربي، والأفريقي، تلك الأزمة المتجددة، والتي أثارتها زيارة الشيخ الداعية د. مسفر القحطاني - ضمن الزيارة التي نظمها منتدى النهضة والتواصل الحضاري - في محاضرته عن (الوعي بالمستقبل)، والتي أشار فيها إلى ضرورة الخروج من النفق المظلم الذي نسير فيه اليوم على مستوى العالم الإسلامي حيث الساحة تشهد غيابا ملحوظاً في الوعي بالمستقبل ، مشيرا إلى أن المراكز التي تعنى بالمستقبل في العالم الإسلامي قليلة بالمقارنة مع مراكز كبيرة عديدة ومتنامية في دول العالم المتقدم، بل إن بعضها يتكون نتيجة لردة فعل سياسية». هذا ما أوردته صحيفة (آخر لحظة)، الصادرة يوم الجمعة، الموافق 17 ديسمبر 2010م، الصفحة الرابعة، في مقال تحت محور الدين والحياة، بعنوان: هل نعشم في وزارة لشؤون المستقبل..؟. ونتفق مع د. القحطاني فيما ذهب إليه، وعلى وجه الخصوص مراكز دراسات المستقبل، والتي في الغالب تهتم بالجوانب السياسية، والثقافية أكثر من إهتمامها بقضايا علوم المستقبل بصورة مباشرة، وهذا ما نلاحظه في مراكزنا أيضا، حيث غياب الخبراء، والمتخصصين، وعدم التنسيق مع المؤسسات العلمية ذات الصلة. ونشير هنا - على المستوى الوطني - إلى أن جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، تعد الجامعة الوطنية الوحيدة المؤسِسْة، والرائدة في مجال الدراسات المستقبلية ، ولا نبالغ إن قلنا الجامعة الوحيدة - حتى منتصف ديسمبر 2010م - في الفضاء العربي والأفريقي التي بها تخصص للدراسات المستقبلية الاستشرافية، وذلك مالاحظناه من خلال متابعتنا وإهتمامنا بآخر التطورات والمستجدات في الجامعات العربية والأفريقة في هذا المجال. ونضيف أن من بين الاقتراحات، والتوصيات التي تقدمت بها دراسات في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا ذات صلة بالمجال، نشر ثقافة الدراسات المستقبلية في مؤسسات التعليم العالي السودانية (جامعات ومعاهد)، بل ضرورة أن تكون مادة الدراسات المستقبلية من ضمن المساقات التي تدرس لكافة الفروع العلمية، وإنشاء المعاهد، والمراكز المتخصصة في الدراسات المستقبلية، والتي ترسم الخطط وتعد البحوث وتقدم البدائل. وهذا ما تقدم به الضيف الزائر الشيخ الداعية د.مسفر القحطاني من إقتراح بشأن «نشر تقافة علوم المستقبل في أوساط الجامعات، والمراكز العلمية والبحثية حتى يكون هناك اهتمام ورغبة، وكذلك يجب أن تهتم المؤسسات الحاكمة والتنفيذية في الدول العربية والاسلامية، وأن توطنها بدلاً من أن يستعان بخبراء من الخارج» ، مضيفاً بأن «أول خطوة يبنغي أن نبدأ بها وإن كانت متأخرة هي البحث في كيفية معالجة أمية الوعي بالمستقبل لنشر ثقافة المستقبل في أوساط الجامعات، والمراكز العلمية والبحثية حتى يكون هناك معرفة، و اهتمام ورغبة». ودون شك كما ورد في عنوان المقال: هل نعشم في وزارة لشؤون المستقبل...؟ نعم نعشم، ونتعشم، بل نطالب في المقام الأول بنشر ثقافة الدراسات المستقبلية في كل مؤسسات التعليم العالي الوطنية، وهنا ينبغي أن نراهن على وزارة التعليم العالي، وفي إطار خططها وبرامجها ذات الصلة بالمواكبة والتطوير، أن تسعى على وجه السرعة للإهتمام بالأمر ، ودون شك لن يرحمنا المستقبل، ولاترحمنا الأجيال الوطنية المقبلة إذا لم نتحسب لمستقبلها بالطريقة العلمية المنهجية الموضوعية المدروسة. نعم ستحاسبنا، وعندها التاريخ لايرحمنا، ودون شك أن الآوان لتأسيس وزارة، أو مؤسسة ذات صلة بالشأن المستقبلي، والدراسات المستقبلية، وإذا لم تنشأ وتُؤسس الآن، حتما الحوجة، والضرورة الملحة ستفرض تأسيسها، وانشأئها، والإهتمام بها مستقبلا، ونتمنى، ونأمل أن يتم ذلك في الوقت الراهن، وينبغى على كل وسائل إعلامنا المقروءة، والمرئية، والمسموعة أن تدفع في هذا الإتجاه، وعلى وجه الخصوص بعض وسائل الإعلام التي تتناول القضايا الوطنية المستقبلية، والتي يفترض فيها أن تهتم، وتفرد المساحات لقضايا المستقبل. وبكل المقاييس نحن الآن في حوجة ملحة، وضرورية للتخطيط لمستقبلنا، التخطيط الذي يعتمد على دراسات المستقبل، وفي سبيل ذلك ينبغى ألانتردد على الإطلاق، حتى لايفرض علينا المستقبل الدخول في حسابات نكون أو لانكون، ونسأل الله أن يوفقنا لما فيه الخير لواقعنا، ومستقبلنا ؛ مالك عبدالله المهدي