من ضمن ابتلاءات وطننا السودان أنه على موعد باستئصال أحد أعضائه، وذلك في مواجهة مع موعد لإثبات الوطنية والقومية الأصيلة لكافة مواطنيه، ويتطلب الأمر الاجتهاد الأكبر، ليس من قبل مسؤولي الدولة فقط، بل من كل سوداني، حيث أن الانفصال لا محالة منه حسب صيحات الحركة الشعبية.. وما تبقى لنا هو كيفية المحافطة على بلدنا لنكيد الكائدين.. وقراءاتنا لهم كما يلي: هناك من يحتفل منذ الآن في عقر داره فرحاً بهذا الانتصار الذي حققه - هذا الانفصال المزمع. كذلك هناك حاقدون ينتظرون بداية الاستفتاء لاختلاق المشاكل فيما بين مواطنيهم، ليكونوا أكثر فرحاً.. وبالطبع مسؤولونا أكثر حرصاً على وطنهم ومواطنيهم في هذه المرحلة على وجه الخصوص. السودان يعتبر الدولة الأولى في العالم التي أعداؤها هم أبناؤها.. ولابد أن أشير هنا بأنه سبق أن سمعت من وزير في دولة أجنبية لا يعرف أهلها عن الإسلام شيئاً.. تم الاستغناء عن خدماته بتعيين بديل عنه، فقام الوزير الذي تمت إزاحته بزيارة الوزير الجديد الذي تم تعيينه وأشار إليه منبهاً: إذا أردت الاستمرار في هذا المقعد فعليك خدمة وطنك واتخاذ قراراتك بدراسة متأنية وللمصلحة العامة.. فأين نحن أبناء السودان العريض والموحد من هذا؟ خلافاتنا دائماً مردوداتها لاتنحصر في دائرة الاختلافات، بل تتعداها عنوة لتصل لمحيط أكبر، وربما تتعداها أكثر وتصل لكافة حدودنا إن كان الأمر قومياً ليتضرر منها الوطن بأكمله وهذا ما نراه في وقتنا الحالي من تصريحات صادرة من بعض الجهات خارج نطاق الحكم «المعارضة المدمرة» .. وهذا ليس وقتها ليتضمن معناها.. إن دواخلهم تشوبها بعض الشوائب ومؤكد أنها لاتتعدى مصالحهم وطموحاتهم الخاصة، مهما كانت نوعية التصريحات وكيفية انتقاء كلماتها.. جنوبنا الحبيب في حالة انفصاله فهي رغبة أبنائه مهما كان الأمر ويجب أن لا يؤثر ذلك على مسيرتنا الوطنية، حيث أن ما تبقى من مساحة جغرافية ومن رجال ومن خيرات على سطح الأرض وداخل بطونها-إن كانت قلوبنا بيضاء- كافية وأكثر لشعب السودان في كل أرجائه وحدوده الجغرافية الجديدة.. وهنا يأتي دور الإعلام المكتوب والمقروء والمسموع، ولا أنكر بأن إعلامنا في خلال الفترة الماضية بذل ما فيه الكفاية من أجل الوحدة، إلا أن الإعلام الخارجي المسيَّس وضعاف النفوس بالداخل «إلى هذه اللحظة» كانوا هم الأقوى، لذا أناشد إعلامنا أن يبذل فيما تبقى من وقت كل مجهوداته، وأن لا تغمض له عين إلا بعد أن ينقل للمواطنين معلومة مفادها بأنه: لو تم الانفصال فإن الأمور في السودان عادية وأكثر من ذلك، والدولة ستسعى من جانبها بمعاونة أبناء الوطن الأوفياء للسعي لتطوير البلد أكثر وأكثر مما هو عليه الآن، وذلك بطريقتهم وفهمهم الإعلامي المعهود.. إضافة لذلك لابد أن يفهم الجميع أن هذا الوقت ليس هو الوقت المناسب لنتصيد فيه أخطاء بعضنا، أو نكيد لبعضنا بدسائس وعراقيل وبلبلة للأفكار، بل هو الوقت الذي يجب أن نتماسك ونتكاتف فيه ضد من يتربصون بهذا الوطن بكل قوتنا حتى نتمكن من بناء وطننا العزيز شمالاً وجنوباً، وإعادة بنيته بعد الشرخ الذي ألمَّ به عبر مؤامرات الذين لايحبون الخير للسودان الموحد بشماله وجنوبه. وختاماً أتمنى للسودان أن يعينه المولى العزيز القدير ويوفق مسؤوليه لجعله عزيزاً آمناً ومكرماً، لأن أهله كرماء ولا يستحقون ما يدور داخل أروقته في الوقت الحالي. وشكرا.. يوسف مصطفى الأمين/ المسعودية