ü في رسالة من مركز النفائس للإبداع والتنمية «منتدى الرقائق» بعنوان «ولا تَهِنُوا» كتب المهندس الصافي جعفر الصافي وهو في المدينةالمنورة موسم الحج لهذا العام «أنفاساً نفيسة» صادقة تهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة.. والباشمهندس برقته ورقائقه ساقنا سَوْقاً رقيقاً ورفيقاً، ووفق تدرج منهجي حرَّر لنا روشتة ضد الانهزام وأخرى ضد الإحباط وزودنا ببشارات ودعانا للتفاؤل، وساح بنا بين تواريخ الأمم السابقة وتاريخ المسلمين بين الصعود والهبوط ونماذج للصمود من التاريخ، وقدم نماذج من الشعوب والقوميات، إلى جانب نماذج وختم ببشارات ودعوة للتفاؤل. ü يقول الصافي جعفر «البديري نسباً العجيمي طريقة».. وفي هذا المناخ المليء بالترقب والحذر، بدأت تتسرب روح اليأس والوهن إلى صفوف الداعمين للوحدة من أهل الشمال والجنوب، وانتشر نوع من الهلع والخوف على مستقبل السودان وانتشرت الشائعات وطُمِست كثير من الحقائق، وذهب المرجفون في المدينة والعناصر الهشة في الجبهة الداخلية تعمل عملها لحساب جهات أجنبية لا تريد استقراراً لهذا البلد!! وجعل من التوجيه القرآني في معالجة واحدة من أزمات المسلمين يوماً من الأيام «ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين» عنواناً لرسالته، التي استعرض فيها مسيرة الإسلام الذي بدأت مسيرته في مكة وصبر على مختلف أنواع الأذى ولم يستسلم لواقع المؤامرات، وكان لهم من اليقين ما يطرد عنهم الشعور باليأس أو الوهن واستمر صمود حركة الإسلام مع ما تعرضت له من هزَّات وهزائم، فطوت جراحها واستأنفت السير.. كلما نامت قامت وكلما كَبَتْ وثَبَتْ.. وكلما انحسر الظل السياسي للدولة الإسلامية فإن جذوة هذا الدين تظل متقدة في صدور المسلمين رجالاً ونساءً يحملون الراية في الخفاء والعلن. ü ودخل الإسلام إلى بلادنا صلحاً، وأقيم أول مسجد خارج الجزيرة العربية في دنقلا وتسرب الإسلام كالماء والنسيم في خلايا المجتمع السوداني، قادته القدوة الحسنة والكرم والخلق الكريم وإطعام الطعام وإفشاء السلام.. والصلاة بالليل والناس نيام.. وأجاد السودانيون فن «التعايش».. ويقول الصافي إن «التعايش» صناعة سودانية لم يسجل اختراعه باسمنا.. وتزاوجوا وتمازجوا وتداخلوا.. ونشأت عن ذلك «مدرسة الغابة والصحراء» هذا التمازج أنتج الهوية السودانية وأكسبهم صفة جديدة هي السودانية أو الوحدة في التنوع.. فالأحزاب السودانية يضم الواحد منها ديانات مختلفة وأعراق منوعة.. ومضت مسحة التعايش لتغطي الصعيد الاجتماعي، فكانت مجالس الصلح والأجاويد فما عرفوا المحاكم أو اللجوء إلى القضاء. ü وتواصل الشمال مع الجنوب فتبادلوا الإقامة، شماليون في الجنوب وجنوبيون في الشمال يعملون ويتاجرون ويتملكون.. وانتهت كل النزاعات والحروب والمناوشات إلى موائد التفاوض من مؤتمر جوبا ومؤتمر المائدة المستديرة واتفاقية أديس أبابا وكوكادام، وكان القاسم المشترك هو قيام استفتاء لأهل الجنوب يحددون فيه مستقبلهم، وكانت اتفاقية مشاكوس هي آخر الاتفاقيات التي أفضت إلى اتفاقية السلام الشامل بنيروبي، وهي التي عبَّرت عن المزاج السوداني العام الذي يميل إلى السلام والوفاق ولا يحبذ الاحتراب والمفاصلة... ويواصل الصافي والاستفتاء القادم هو محطة فاصلة في مستقبل هذا البلد، ولذلك لابد أن يتم في جو هذا التصالح والحيدة والتجرد، وسيرضى الناس بنتائجه كيف جاءت وبالتالي لا أرى أي مبرر لهذا الهلع والشعور بالإحباط والاستجابة للإشاعات والتهويل.. فالانفصال ليس نهاية التاريخ ولا هو الجولة النهائية في بناء السودان. ü ونظام الإنقاذ الذي وجد بلادنا تعج بالمشاكل والتحديات واجه الأمر بشجاعة فاعترف بالتباين والتنوع وأرسى قواعد الحكم الاتحادي وأوقف الحرب وأقرَّ بحق تقرير المصير.. حتى قال د. منصور خالد إن المؤتمر الوطني هو أول حزب شمالي حاكم امتلك الشجاعة لإنهاء الحرب ومنح الجنوب حقوقاً وسلطات لم تمنح له في الماضي واعترف بحق تقرير المصير. إن الحراك والأطروحات التي تمور في الساحة ماهي إلا إرهاصات لترسيم مستقبل جديد لهذا البلد عن قناعة وحيثيات واضحة. يقول أبن عطاء الله في حِكَمه ربما يكون «المنع هو عين العطاء»، وكما يتساءل الشاعر محمد المهدي المجذوب أيكون الخير في الشر انطوى والقوى خرجت من ذرة هي حبلى بالعدم ربما كان الانفصال «لو حدث» يقول الصافي:- فرصة لوقفة مع النفس ومراجعة مسيرتنا ونقدها وتقويمها وسد ثغراتها وممارسة أدب المكاشفة وهو أدب مهم للغاية في حياة السائرين إلى الله.. وهذا هو المفروض