صدر مؤخراً عدد من التقارير من الجهات ذات الصلة بانفاذ اتفاقية السلام الشامل التي أوشكت على اتمام مدة صلاحيتها بقيام الاستفتاء في 9 يناير 2011م لقد تناولت هذه التقارير الوضع على ارض الواقع وافاق المستقبل للبلاد في حال الانفصال ومخاوف تجدد الحرب وقد سلطت لجنة الاتحاد الافريقي الرفيعة المستوى والتي يقودها رئيس جنوب أفريقيا السابق تامبو امبيكي الضوء على مسألة الحدود بين الشمال والجنوب والمناطقة العالقة دون ايجاد حل لها وترى اللجنة انه يجب ترسيم الحدود قبل الاستفتاء على ان تظل منطقة ابيى جسر التواصل بين جنوب البلاد وشمالها كما حدد في اتفاقية السلام الشامل. في وقت حذرت فيه من تجدد عمليات القصف والقمع بين القوات المسلحة السودانية وجيش الشعبي لتحرير السودان بحسبان أنها تجدد ذكريات الحرب الأهلية الطويلة وتهدد العملية السلمية الهشة بالسودان وبخاصة علي طول الشريط الحدودي. وتسلم مكتب مسح الاسلحة الصغيرة تقريراً من مكتب التقييم الأساسي للأمن الانساني بالسودان جاء فيه أن الجيش الشعبي لتحرير السودان يعمل على تحويل نفسه من مليشيات مسلحة إلى جيش محترف يعمل تحت إمرة حكومة مدنية ويبحث التقرير أوجه النجاح والقصور في عملية التحول ويجدد الفجوات والتحديات الماثلة. أما مجموعة الازمات الدولية فقد أبانت في تقريرها بأهمية أن لا تقتصر أجندة المجتمع الدولي على الإهتمام بقيام الاستفتاء في موعده بل التركيز على بناء علاقة بناءة بين شمال السودان وجنوبه يجب أن تستحوذ على أولوية الاهتمامات والاتفاق على وضع فترة زمنية طويلة من التفاوض بين الطرفين بعد الاستفتاء لضمان تحقيق الانتقال السلمي للسلطة وتحقيق الاستقرار الدائم بالمنطقة. وفي ورقة اعدها معهد السلام الأمريكي بعنوان الانفصال كسابقة في السودان وافريقيا حذر المعهد من ان يسبب انفصال السودان ثورة انفصالات داخل أفريقيا وأقر الورقة بأن تأثير الانفصال لن يكون كبيراً خاصة وان معظم الحركات الانفصالية في القارة ضعيفة ولا تخظى بدعم دولي كبير واصدر المعهد ورقة أخرى بعنوان أهمية المستورة الشعبية في الشأن السوداني جاء فيها ان من حق مواطن ولاية جنوب كردفان والنيل الأزرق تقييم نجاح البرتكول الخاص بهم في اتفاقية السلام الشامل لتحديد فيما اذا كان يعبر عن طموحاتهم أو ينبغي التفاوض عليه وقد منح البرتكول درجة من الحكم الذاتي إلى قيام دولتين افتراضاً بأن الجنوب سيظل جزءاً من الشمال. في وقت لا تزال فيه حلقات مسلسل الوضع الإنساني المتردي للعائدين تتابع ولعل أهم صراع يواجه عمال الإغاثة بجنوب السودان بناء مخيمات ومواجهة الاحتياجات المتنامية للوافدين أو الاكتفاء بمراقبة زيادة الحاجة الانسانية لهم وسط طوفان العائدين الذي ضرب جنوب السودان قبيل الاستفتاء وفقاً لمكتب الأمم التحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (اوتشا) فإن 92.000 مواطن جنوبي تخرج أثناء فترة الحرب الأهلية إلى الشمال قد عبروا من الشمال للجنوب من الفترة من مطلع اكتوبر وحتى 22 ديسمبر واغصرت المشكلة في أن العديد من العائدين بالبصات ثم انزالهم في المدن الرئيسية بالجنوب دون توفير وسائل نقل إلى مناطقهم الأصلية. وفي زيارة قامت بها وكالة ايرين حاضرة ولاية بحر الغزال وجدت أن هناك 5.000 عائد علقوا في طي النسيان بعد أن قضوا أسبوع كامل على الطريق بانتظار أمس الحاجات الإنسانية من مياه وطعام ودورات مياه وكذلك قرار من حكومة الولاية يحدد فيها مصيرهم. وبعد أسبوع صرح أحد المسؤولين بحكومة الجنوب لوكالة ابرين بأن هؤلاء العائدين لا يزالون يخيمون في العراء في ساحة معزولة مازال يتوافد عليها المزيد منهم ويقول جيو فان بوسكو: (أن إقامة معسكرات رسمية يعني أن يعتاد الناس على المساعدة التي تقدم لهم في المخيم الأمر الذي يخلق مقاومة لإغلاق وحتواء هذه المخيمات في المستقبل). ويعتبر قيام مخيمات في مناطق التماس المعزية كولاية شمال بحر الغزال واعالي النيل مصدر خلق كبير ويضيف جيوفاني قائلاً نظراً لتدني مستوى البنية التحتية في الجنوب وضرورة العمل الشاق من من أجل التنمية قد يستغرق الأمر سنوات لإغلاق المعسكر واعادة التوطين السليم مع حلول دائمة. ويقول ليز تمراندي منسق عمليات الأممالمتحدة الانسانية بالجنوب: (أن الوضع المزري للمستوطنات يلزم المجتمع الدولي على الاعتراف بعواقبه الوخيمة بمد المدى الطويل مضيفاً.. في الحالات الطارئة بمراكز الترحيل تقدم المساعدات الانسانية بغض النظر عن المكان الموجودين به الا أن قانون اعادة الاذماج واضح جداً وعادة ما يكون من دعم يتمثل في تقديم المواد الغذائة عدة ثلاثة أشهر لهم ولاسرهم يجب تسليمها عندما يصلون الى مقصدهم التهان والهدف عدم تحويل محطات السفر إلى مخيمات دائمة ولكن في حالة وجود حالات طارئة من مناطق العبور فاننا سنقدم المساعدة). ويقول داتيل غار المسؤول عن تسهيل وصول العائدين عبر الدعم الحكومي ولجنة إعادة التأهيل بولاية شمال بحر الغزال لوكالة ايرين نتوقع وصول 600 أسرج في اليوم إلى مدينة أويل بينما تتوقع الحكومة وصول 87.000 مواطن قبل الاستفتاء في رده عن السؤال حول التجهيزات التي اعدتها الحكومة لاستقبال العائدين اجاب غار قائلاً: (الحكومة لا تملك الكثير لتغطية سواء قطعة الأرض ونحن نطالب بدعم من وكالات الاغاثة والأممالمتحدة). الا ان وكالات الأممالمتحدة بما أن في ذلك المنظمة الدولية للهجرة اعلنت حكومة جنوب السودان في اغسطس ان حملتها لإعادة مليون ونصف جنوبي قبل الاستفتاء لا يمكن ان يقودها المجتمع الدولي لجملة أسباب أهمها ضيق الوقت والمخاوف من أن تفسر حكومة السودان هذه الجهود على أنها عمل سياسي. وفي غياب دعم دولي كبير لهذه العملية فقد اثبتت الأموال الأولية المخصصة من قبل حكومة الجنوب وحكومات الولايات غير كافة لدعم الاعداد الكبيرة من العائدين وبخاصة الخطوة الأخيرة الخاصة بنقل العائدين من المدن إلى نقطة المقصد النهائي بالحافلات. وفقاً لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في جوبا ومجموعة المساعدة في مدن مثل أويل فإن مشاكل التحويل للنقل وتأخر الحكومة في تخصيص مساحات للقادمين الجدد في بعض المجالات قد تؤدي بشكل مباشر لانشاء مخيمات.