بعد انتهاء فترتي التصويت والاقتراع في استفتاء جنوب السودان بدأت تقارير المراقبين تخرج الواحد تلو الآخر، وقد عقدت المنظمات العاملة في مراقبة الاستفتاء مؤتمرات صحافية أبانت فيها رأيها في مجريات عملية الاقتراع، وقد أجمعت على سير العملية بسلاسة وهدوء مما جعل العملية تتم بدون مشاكل أو مشاحنات، إلا أنهم أجمعوا أيضاً على استمرار الحملة الإعلامية والترويج لخيار الانفصال بالقرب من المراكز أثناء عملية الاقتراع دون التقيد بالفترة الزمنية المحددة للترويج لأي من الخيارين، والتي انتهت قبل يومين من عملية الاقتراع، وهي في السابع من يناير، وقد قالت تقارير الشبكة الدولية للحقوق والتنمية ومنظمة مواطني العالم التابعة للبعثة الدولية لمراقبة الاستفتاء.. إن الحبر المستخدم في عملية التصويت كان مشابهاً للون بشرة الجنوبيين، وبالتالي يصعب معرفة ما إذا كان المقترع مارس حق الاقتراع أم لا.. كل هذه وغيرها من الخروقات التي سجلتها بعثات المراقبة، يجب أن تؤخذ في الإعتبار والوقوف عندها، رغم أننا لم نكن نتوقع أن يأتي الاستفتاء حراً ونزيهاً، وذلك لأسباب عديدة، وليس خافية على أحد، أولها أن الجنوب ما زال حديث الولادة من رحم حرب استمرت «21» عاما،ً أوقفت كل أسباب التنمية فيه «الاقتصادية، الاجتماعية، وبالتالي تنمية الموارد البشرية» فالإنسان الجنوبي قد كان بعيداً كل البعد عن الممارسات السياسية التي تمكنه من ممارسة حقه الطبيعي في استفتاء جنوب السودان وتقرير مصيره، فالجهل والمرض والفقر مازالت سمات لشعب الجنوب، كذا وكما أشرت آنفاً لم يكن المجتمع الداخلي أو الخارجي ينتظر منه أن تكون العملية شفافة، لكن ما يحمد لهم أن الترتيبات قد أحكمت أمنياً مما مكن الجنوبيين من ممارسة حقهم في الاقتراع، هذا بالإضافة إلى أن الحركة الشعبية نفسها تتلمس في خطى العمل السياسي، وما زالت في الشهر الثاني من «سنة أولى» سياسة، حيث أنها كانت حركة مسلحة وقريباً جداً تحولت لحزب سياسي. المهم سادتي لا أحد يرفض أن يقرر الجنوبيون مصيرهم، وكنا نتمنى أن تمر عمليات الاستفتاء بدون انتقادات، يمكن أن تضر بعملية تقرير المصير، وكما نتمنى أن لا يتدخل موظفو المفوضية في عمليات الاقترع، حتى لا تأتي المنظمات الدولية والمراقبون ليقولوا إن هناك خروقات يمكن أن تفسد العملية برمتها.