الإبداع صفة جميلة يصبو لها الجميع، وهي كلمة قد لا تصادف أهلها في أحيان كثيرة، وقد «يدفع» بعضهم أموالاً حتى تطلق عليه .. وقد تصادف هذه الكلمة أهلها، فهناك مبدعون حقاً.. وأولئك الذين أفنوا زهرة شبابهم في الإبداع وتعبوا في رحلة وصولهم للقمم.. لم يبخلوا على كل من حولهم ممن طلبوا منهم الخبرة أو لم يطلبوها وفي ذهنهم أن ينالوا كثيراً من المبدعين.. كثرة المبدعين تجعل الأمم متفردة، لكن الغريب أن هؤلاء المبدعين تعاملهم الدولة معاملة «الحصان الهرم» ولا تهتم بهم إذا تعرضوا لأي وعكة صحية ويحتاجون للآخرين، لا أقول مادياً فقط بل معنوياً أيضاً، وهذا يظهر جلياً في التصريحات التي تخرج من المبدعين بعد أن يقول أي صحافي رداً أن الدولة لم تزره ولم تهتم به.. وبالطبع هذا تصريح مؤلم، أولاً للمبدع نفسه وثانياً لبقية المبدعين.. فيصابون بالإحباط وبالتالي يقل عطاؤهم.. فالمبدعون سادتي لا يبحثون عن الأموال، وإنما يصرفون أموالهم من أجل هذا البلد ولا ينتظرون جزاءً ولا شكوراً.. لكن الدنيا قد تأتي عليهم و«تحيجهم» للناس، خاصة وأنهم من ذوي الدخل المحدود الذين لا يستطعيون ادخار الأموال، تحسباً لما يمكن أن يحدث في المستقبل.. المهم سادتي لعل ما دعاني لكتابة هذه السطور هو أستاذي وأستاذ الأجيال والرجل الخلوق بشهادة الشهود الأستاذ والرائع عبد الرحمن أحمد محمد صالح.. المذيع الأشهر في الإذاعة السودانية وصاحب التاريخ الناصع في الإبداع.. فقد أكمل الخمسين عاماً من الإبداع دون أن يكل أو يمل أو تؤثر عليه التغيرات السياسية التي حدثت في السودان خلال فترة عمله.. وأظن أن من حقه علينا أن نحتفل بيوبيله الذهبي.. بدلاً من تبني علاجه من ديوان الزكاة، كأن أن يتم الدعم بطريقة أخرى.. فالرجل سليل الحسب والنسب، فهو ابن رئيس مجلس السيادة ومؤلف نشيد العلم «نحن جند الله جند الوطن» المبدع أحمد محمد صالح، وشقيق الإذاعي المبدع والسفير المتفرد والإذاعي العالمي وصاحب اسم حقيبة الفن الذي أطلقه على تلك الحقيبة المشهورة الأستاذ صلاح أحمد محمد صالح، والذي هو بين ظهرانينا في هذه الأيام، وهو أيضاً يستحق التكريم، فقد قدم لهذا الوطن الكثير المفيد.. صدقوني سادتي أغروقت عيناي وأنا أقرأ رد الأستاذ عبد الرحمن، وهو يقول في حواره مع الأستاذ عبد الباقي عبيد: «لم يزرني مسؤول من الدولة، ولن أقبل زيارتهم بعد اليوم» مما يؤكد أن الرجل قد حزَّ في نفسه أن الايزورة مسؤول ولو صغير من الوزارة التي عمل بها خمسين عاماً، وبالمناسبة هو مازال يعمل حتى الآن.إذن أجد أنه من الملزم لنا جميعاً أن نشكل لجنة لتكريم الرجل تكريماً يليق به وبسنين عمله بعدد مَن درَّبهم في مجال الإعلام بل، ومن سمعوه وهو يقول «هنا أمدرمان».. فهلا انتظرنا إعلان وزارة الإعلام بتكوين لجنة لتكريم المبدع عبد الرحمن..!