إن الاهتمام بالنتائج أمر مهم للغاية ولايمكن الحكم على نجاح أي عمل أو تخطيط إلا في ضوء نتائجه وحتى إن بدا مذهب العبرة بالنتائج متطرفاً كما أن قياس نجاح أو فشل أي عمل لا يتم في ظل إغفال الحصاد المترتب عليه ولعله أمر مستساغ وضروري في التقديم حيث لا مجال لافتراض النجاح بدواعي أخرى تترتب عليها كلفة إدارية باهظة الثمن ولعلي في هذا المقال أريد استعراض تجربة الحكم المحلي انطلاقاً من القرارات التي أعلنها والي جنوب دارفور الدكتور/ عبدالحميد كاشا بإنشاء محليات إضافية بالولاية وتعيين معتمدين لها أغلب الظن أن الوالي استند على حيثيات سياسية لا تتطابق مع حجم الموارد المتوفرة بالمنطقة وهناك ولاة آخرون يسلكون الطريق ذاته غاضين الطرف عن حجم الاحتياج وحجم الموارد جراء ذلك قامت محليات فقيرة لها مشكالها ،أدناها عدم وجود رئاسة للمحلية لقد كنت معتمداً لنيالا ومنذ مغادرتي المحلية قُسمت المحلية ذاتها إلى محليات هي محلية نيالا القديمة شمال وجنوب ومحلية بليل وأبو عجورة وشرق الجبل والملم. ويدير هذه المحليات سبع معتمدين عليك أن تتصور حجم الصرف على هؤلاء.. لقد تم تقسيم السودان ابان الحكم التركي إلى مقاطعات وكذلك قسم المستعمر الانجليزي السودان إلى تسع مديريات فدارفور على سبيل المثال كانت مديرية ... دارفور حدودها من الشمال حتى تخوم بحر الغزال وعمل الإداري أبو سن محافظاً لها وأعقبه الطيب الطاهر وأحمد مكي عبده وعثمان حسين والطيب المرضي كان المحافظ يضطلع بالحكم ومعه حكيمباشى لصحة الإنسان والحيوان ومسؤولي الغابات والمياه والتعليم والمساحة يقومون بكافة أعباء العمل الإداري فاتساع الرقعة الجغرافية يقابله اتساع في السلطات المخولة للمحافظ بهدف حمل المواطن على المشاركة بنصيب في تنمية مجتمعه كهدف إداري ومن ثم المشاركة في الحكم العام في إطار الغاية الكبرى المتمثلة في التنمية الريفية والبلدية وتحقيق التلاحم الاجتماعي وتقوية الرابطة المدنية بين السكان بالاجتهاد في توفير ضرورات الرعاية الاجتماعية كغاية أصلية للحكم اللامركزي لكن بالنظر على ما آل إليه الحكم اللامركزي عكس مقاصده حيث أن هناك حاجة لتوظيف الإنفاق على طاقم الحكم المتزايد لتخفيف العبء على الريف الفقير. فهناك نخب سودانية أرست دعائم الحكم عبر اجتهاداتها من بينها الدكتور/ جعفر محمد علي بخيت الذي أسس للحكم الشامل عبر فكرة الضابط السيار رغم سلبياتها فهي خطوة لتطوير التجربة التي نرى أن الوقت قد حان لمراجعتها ونلتمس من الأخوة في ديوان الحكم الاتحادي حث جموع الأخوة السابقين محافظي الفترة الأولى والأخوة المعتمدين السابقين ومن هم بالخدمة رفد ديوان الحكم الاتحادي بالتجربة سلباً أو إيجاباً وأسراء مكتبة الديوان. بالنظر للفترة التي أخذتها تجربة الحكم المحلي بات من الضروري مراجعتها وإخضاعها لدراسة عملية لقياس مدى انعكاسها سلباً أو ايجاباً على حياة المواطنين وهذا الدور المنتظر للجهاز المركزي للحكم الاتحادي خاصة بعد إعلان انفصال الجنوب فإن الضرورة تقتضي مراجعة هياكل الحكم وتحديداً التوسع الأفقي في الحكم المحلي لأن الظاهر للعيان أن أموال المواطنين تذهب لمرتبات وحوافز وسيارات ومخصصات لمقابلة الصرف على العدد الهائل للمسؤولين المحليين وهو في تقديري ما أفرغ التجربة إلى حد من أهدافها والمتمثلة في دعم رفاه الناس بتوفير الخدمات الضرورية كالمستشفيات والمدارس والخدمات البيطرية والزراعية. فإن فكرة الحكم المحلي طبقت ونرى ضرورة مراجعتها على المستوى السياسي حيث أنها رسخت الجهوية والمناطقية بصورة لافتة حيث بات بمتناول أي مجموعة تطالب بمحلية الحصول عليها وعليه جرى التقليد وأصبحت هناك منافسة في قيام المحليات والأدهى والأمر أن هناك ولاة من ضمن برامجهم إنشاء المزيد من المحليات دونما اعتبار لحجم الموارد الأساسية لهذه المناطق. إجمالاً تفكير مارشال الذي نظر للحكم المحلي فكرته تقول إن الحكم المحلي مساره أفقياً ورأسياً مرتبط بالموارد وهذا تفكير حقيقي وواقعي يمس كافة مناحي الحياة تنمية في المجال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي والخدمي مع الموارد وهذا تفكير حقيقي وواقعي.