النار تشتعل الآن في كناتين السلطة في الوطن العربي المحكوم بالحديد والنار، والشرطة وجهاز أمن الدولة، والأمن المركزي، والقوات الخاصة، والجندرمة، والدرك والحرس الأميري، ومباحث أمن الدولة، وكتائب النظام، إلى آخر أجهزة القمع التي تتدرب ليل نهار وتصرف عليها الأموال بالمليارات لا لمقاومة العدو، ولا لقتال الدخلاء، ولا لمواجهة الامبريالية، ولكن لمواجهة شعوبها وتكميم أفواههم، والقضاء على أي بادرة أمل أو تحرك وسط تلك الشعوب.. حكام عمي لا يرون أبعد من ستاير مكاتبهم، ولا يبصرون أبعد من التقارير المزيفة الكاذبة التي توضع أمامهم كل صباح.. ولا يسمعون إلا أصواتهم هم.. ولا أي صوت آخر His MASTER voice (صوت سيده) أو صوته هو، أما الذي يرفع صوته بغير ذلك.. فالصالح العام والاعتقال وحقيقة لا هو صالح عام.. ولا خاص ولا حتى صالح النظام الذي أصدر القرار. تأمل في حال عالمنا العربي.. وحال أنظمته البائسة التي سلمت ذقنها لأجهزة أمنها ومليشياتها لا للجماهير.. والتي عبدت سطوة تنظيم السلطة (النظام الحاكم الواحد)، مهما كان اسمه الاتحاد الاشتراكي، أو اللجان الشعبية، أو الاتحاد القومي، أو الحزب الوطني، أو نظام المجلس المركزي، كما فعل عندنا الفريق عبود ومن جاء بعده بلا فائدة، فكانت النتيجة خروج الناس كل الناس إلى الشارع مرتين مرة في أكتوبر ومرة في رجب. وإذا تحدثنا عن الثورات الشعبية فلقد سبقنا أشقاؤنا في هذا السبيل بخمسين عاماً، هي فارق المسافة بين اكتوبر 1964م وثورة البوعزيزي وثورة القاهرة (25 يناير سنة 2011م)، ومن الطريف أن هذا اليوم (25 يناير) يصادف الاحتفال بعيد الشرطة في القاهرة.. تلك الشرطة التي خلعت ملابسها ورمت أسلحتها في الشارع واختفت إلى الأبد. إن أي نظام يعتمد على القمع ومصادرة الحريات، وتكميم الأفواه، والاعتماد على الحزب الواحد، والرأي الواحد، ويفتري بما عنده فاشل فاشل، ومصيره السقوط المدوي وإن طال الأجل. رأي الجماعة لا تشقى البلاد به. عند الحفاظ رأي الفرد يشقيها.. وإني لأعجب هل يعي الذين يتشبسون بالسلطة ولو على جثث الضحايا بالمئات وآلاف الجرحى قول الشاعر الحكيم: أرى خلل الرماد وميض نار ويوشك أن يكون لها ضرام فإن لم يطفها عقلاء قوم يكون وقودها جثث وهام فإن النار بالعودين تزكي وإن الحرب أولها كلام أقول من التعجب ليت شعري أأيقاظ أمية أم نيام