مؤتمر الدراسات العليا والبحث العلمي فى التخصصات الطبية والصحية الذى عقدته جامعة الخرطوم خلال اليومين الماضيين وخاطبه السيد رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير كان فيه أكثر من معنى ودلالة أولها تأكيد السيد رئيس الجمهورية على أهمية البحث العلمي ودوره الاستراتيجي وصولاً لسياسات وخطوات قائمة على أسس علمية . والثانية توجيه السيد الرئيس بتحفيز الباحثين والسعي للمقارنة بين الانفاق وطموحات الباحثين بنسبة من الدخل القومي . والثالثة اعتراف السيد رئيس الجمهورية بوجود فجوة فى حقل البحث العلمي لابد من ردمها . علينا الإعتراف أنه ورغم عدد من الانجازات التى تحققت فى المجال الصناعى والزراعى والصحى إلا أن حظ الاهتمام بالبحث العلمي الذي ينهض بهذه المجالات ويسند مشروعاتها كان ضعيفاً وقد اتى زمان على العلماء فى الجامعات ومراكز البحوث العلمية ظنوا فيه أن حكومتهم ومن كثر تقتيرها على ميزانيات تسيير الجامعات والانفاق على البحث العلمي لاتلغى بالاً لجهدهم ولاتهتم بإنتاجهم العلمي وأنها تهتم بحل قضايا الطلاب ومؤسساتهم السياسية والنقابية اكثر من قضاياهم كما أن التوسع فى قيام الجامعات شتت الميزانيات وكان ذلك على حساب الانفاق على البحث العلمي إذ من المعلوم ان الجامعات ليست هى قاعات للتدريس فقط وإنما هى كذلك معامل وبحوث وحلول للقضايا المجتمعية ويؤكد ضآلة الانفاق على البرامج البحثية آخر تقرير صدر عن اليونسكو للعلوم للعام 2010 وضع السودان فى ذيل قائمة الدول التى تهتم بالبحوث العلمية وجاء ضمن مجموعة دول جزر القمر - جيبوتي - موريتانيا و اليمن . صندوق دعم البحث العلمى الذى أعلنت جامعة الخرطوم عن إنشائه فى المؤتمر والذى تقدم فيه السيد رئيس الجمهورية بمنحة يمولها من حر ماله باسم جدته الحاجة خادم الله الريح يجب أن يطور الى صندوق قومي يخدم جميع الباحثين بالبلاد تشارك فيه الحكومة من مالها ويشارك الواقفين من منسوبيها كما تشارك فيه مؤسسات القطاع الخاص وهى ربما تكون المستفيد الأول من تطور البحث العلمي وايجاده للحلول التى تواجه مجالات عمل القطاع الخاص والذى أعلنت الحكومة إنسحاب شركاتها منه فى المجالات الإنتاجية وفى الدول المتقدمة تخصص المؤسسات والشركات الخاصة نسبة مقدرة من الفوائد والأرباح لتطوير البحث العلمي وتقدمه بصورة راتبة لثقتها أن ماتنفقه فى هذا الحقل سيعود عليها بالمزيد . هذا الصندوق القومي لدعم البحث العلمي يجب أن يكون أحد اهتمامات الجمهورية الثانية إذ نحتاج لنتائجه فى النهضة الزراعية التى لن تقدم لنا انتاجاً زراعياً وفيراً وذا جودة عالية إلا بايجاد الحلول العلمية لضاءلة الانتاج الحالى رغم المساحات الواسعة وقلة جودته لضعف البحث فى فك أسرار الشفرات الجينية لمنتجاتنا الزراعية ولاستنساخ سلالات تتحمل درجات الحرارة العالية وتقاوم الآفات بعد أن تحدد لنا البحوث العلمية أفضل عناصر الإنتاج والعوامل المساعدة له ولايترك الأمر للشركات التى تستورد المبيدات والتقاوى الفاسدة . ونحتاج للبحث العلمي للنهوض بالصناعة والشاهد أن الصناعات العسكرية تقدمت فى بلادنا يوم أنفقت الحكومة على أعداد وتأهيل الكوادر العلمية والفنية العاملة بها وستنهض كذلك الصناعات الغذائية والاستراتيجية عندما تجد ذات الاهتمام . السيد رئيس الجمهورية ننتظر منك اصدار مرسوم جمهوري لقيام الصندوق القومي لدعم البحث العلمي وبرئاستك .