قبل أعوام كتبت نصاً مسرحياً بعنوان تشكيل وزارى حاولت عبره معالجة عيوب أساسية فى السياسة السودانية وبالذات فيما يتصل بعملية شغل المناصب الدستورية بالكوادر المناسبة التى يمكن أن تحقق النجاحات المحسوبة والمتوقعة فى حال شغلها بطريقة سليمة ، تفضى الى وضع الرجل المناسب فى المكان المناسب .. بالمناسبة الرجل يمكن أن يكون إمرأة مناسبة . عملية شغل هذه المناصب الحساسة ظلت تتأرجح وتتباين وتتغير دون أن تثبت على حال من الأحوال يمكن أن نتخذه منهاجاً ومن ثم تمضى مسيرتنا السياسية وهناك مرجعية فى هذا الجانب ولكن للأسف فإن التعيينات السياسية تنم عن كوميديا سياسة 100% تسهم فى كتابة النص المسرحى دون عناء ، يمنحك الواقع المعاش الصورة الكوميدية التى تحتاجها وبكثافة ولك أن تبحث فى تعيين الوزير الفلانى إبن القبيلة الفلانية ستجد المضحك المبكى ، وهذه موجودة داخل وزاراتنا الإتحادية ناهيك عن الولائية و كذلك البحث عن ما يدور من تسريبات عن ممارسة الوزير الفلانى الذى حملته إتفاقية الجن الشامل الى الوزارة وإتفاقية البجبجة التى منحتنا صورة رمادية فى داخلها السلام والحرب يقفان مع بعضهما البعض ولك غير ذلك أن تذهب الى الولايات ستجد العجب العجاب.. (والى) خُطبه كوميديا أرفع شأناً ونصاً من كوميديا عادل إمام ، ووال آخر بعد أن عُين والياً ظل يتلفت يمنة و يسرى لساعة كاملة يبحث عن(شخصه) الوالى .. الرجل لم يكن يصدق ، وهنا أتذكر حكمة إحسان عبد القدوس حين قال كثيرون كنت أحسبهم أرفع مكانة ولكن حينما تعرفت عليهم وجدتهم أناساً تافهين فهذه المقولة تعبر عن حال ذلك الوالى الذى يبحث عن نفسه التى عُينت والياً لأنه يعلم أن شخصه الذى يعرفه لا يستحق ذلك .. نترك الولاة ونهبط الى المعتمدين وفى هذا الجانب كلما تهبط يصعد النص الكوميدى فقد علمت أن رجلا من عامة الناس إحتج على تعيين معتمد لأنه كان يسرق الكهرباء بالجبادة وهى قطعة من الحديد مركبة على قناة طويلة تعيد الكيبل المفصول الى مكانه فيعود التيار وهذا التصرف كان يحدث سابقاً ، أما الآن فإن الجمرة الخبيثة قطعت جبادة كل معتمد . النص المسرحى يعمل على فضح هذه الأُسس التى أضاعت علينا أُسساً أخرى هى الكفاءة والإبداع بدلاً عن هذه (الخرمجة) قبيلتى وقبيلتك جبادتى وجبادتك وكوراكى وكوراكك ود حبوبتى وحبوبتك وهلمجرا .. فإنزوى الرائعون وتقدم الصفوف أراذل القوم وصار المنصب لمن يطلبه وهذا يخالف قاعدة فقهية(..الا يولى من يطلب الولاية ) .. وهذا لاينفى أن هناك قيادات مسؤولة وقوية ورائعة فى المركز والولايات ولكن مشكلتنا أكبر فى الولايات حيث لاعطاء لولاة ومعتمدين غير أن (يهزوا !) فى إنجازات المركز بولاياتهم ومحلياتهم أو إنجازات المواطنين بمساهماتهم الشعبية .. الحكام بالولايات بتاعين(عرضة ساكت !!).