أخي الغالي مؤمن أرفع يدي بالتحية.. مستأذناً الدخول إلى عالمكم.. ملتمساً العذر وطالباً تجاهل ما يخطه قلم حزين باك من زمن قاس.. أستأذنك يا من شربت من ثدي أم در الحكمة، وحفظت في دواخلك الأمل، وفتحت نوافذ للبسطاء والفقراء والمساكين تتلمس أحوالهم وتتسور بقلمك العالم الذي لا يراه إلا البسطاء الذين أعزهم الله لأنهم لا يتسولون ولكنهم يرفعون أكفهم بالدعاء لحفظهم ليؤدوا الأمانة في زمن الجبايات المتنوعة والزيادات غير المنظورة التي تقابلها منحة مائة جنيه لتغطية عجز ما، كأنما مشكلة الإنسان السوداني هذه المائة التي يتحصل عليها أصغر متسول في شوارع الخرطوم لقد قهرتنا الحياة، وهدت كتوفنا المسؤولية، وشجرة زماننا بدأت تتساقط أوراقها، فأصبح الاحتفاء بالماضي والاحتماء به يرد لنا الروح في عالم نهب حكامه أموال شعوبهم وأودعوها المصارف وأودعتهم هتافات الشباب في سجون الزمن التي قهروا بها الرجال.. فالفضائيات تكشف عن أموال من صفقنا لوطنيتهم فاتضح لنا أنهم كصوت الطبول الجوفاء فارغة المحتوى والمضمون ولكنها تدوي فتنهار من أول كلمة تحمل اسم أرحل.. ولاأدري هل نضحك للحزن، أم نغني للألم، أم ننام على وسائد الأحزان، والحياة وقسوتها، وارتفاع أسعارها، في بلد حباها الله بكل شيء فاضعناه ..نحن من جيل عاش حلاوة الحياة التي لا يجدها أولادنا فنسعى لتسليط الأضواء حتى ينتبه الغافلون عنها. لا نريد لسيوفنا أن تسقط.. ولا لأقلامنا أن تنكسر، ولا للأمل أن يتسرب من بين أيدينا، فالحياة تضيق كل يوم، ونحن ندفع فاتورتها، من عمرنا، فلماذا لا تصدر الحكومة قرارات حاسمة بالغاء العوائد ورسوم النفايات وتسعى في بلد المعادن والثروة والصمغ وخيرات البلاد أن ترفع المعاشات بذات الدرجة التي نزل بها الموظف بدلاً عن هذه المنح التي لاتكفي لإيجاد غرفة في منزل ناهيكم عن المعيشة والتعليم والصحة و.. و.. و.. لماذا ولماذا وآه من ماذا التي لا تجد من يسمع صرخات الجوعى والبؤس وجبتهم فأين قلمك من هذه الأوجاع. د. يحيى التكينة من المحرر.. صديقي الدكتور.. يحيى التكينة لك التحايا.. والود.. وكان لابد لمساحتي هذه.. والتي أنا أسميها «حقل النار».. تشبهاً بساحة القصر.. ساحة بتحضن روح نصار.. كان لابد لها أن تتشرف بحروفك القنابل.. وكلماتك السنابل.. ولكن دعني أسألك.. رداً على سؤالك أين قلمي من كل ذاك الوجع الخرافي الذي يحياه شعبي.. أسألك ومتى وقف قلمي متفرجاً أو محايداً.. في قضايا الوطن والشعب.. أعلم يا صديقي أني قد نذرت للرحمن قسماً أن لا أهادن.. ولا أجامل.. ولا أنافق.. ولا أصاحب من أراد شراً بمواطني وطني الجميل.. كتبت عن المعاشيين.. وهم يصطلون بنيران الحياة.. عن المفصولين للصالح العام وهم يهربون من نظرات عيون أطفالهم والأم والزوجة.. كتبت عن المترفين وهم يتقلبون في مراتب وأسرة البذخ.. فقط لأنهم من أهل التمكين.. أو من البدريين.. كتبت عن المؤلفة قلوبهم والذين بصقوا على تاريخهم ثم ركضوا نحو مناطق «الليان» بل مراتع الطعام.. حذرت الحكومة من غضبة الشعب عندما يحس بالظلم والتمييز.. والإزدراء والجوع.. ومرة أخرى.. أقول لرموز بل لأركان وركائز الحكومة.. وبما أنكم قد ملأتم الفضاء.. بأنكم أبناء غبش وفقراء.. ترجلوا.. أو أنزلوا من قصور السلاطين وأمشوا بين الناس في الأسواق والأحياء لتلمسوا وتحسوا.. وتشموا.. وتسمعوا وتشاهدوا الشقاء والفقر واستحالة الحياة.. لك ودي وحبي مؤمن