الصحف الصادرة أمس تناولت معظمها خطاب السيد الصادق المهدي أمام أنصار حزبه بالقضارف.. وهذا أمر مألوف أن تهتم وسائل الإعلام بما يقوله المهدي الذي لا تخلو تصريحاته دائماً من سخونة وإثارة.. لكن اللافت في تناول هذه الصحف اختلافها في عدد (الزنقات) التي قال رئيس حزب الأمة القومي إنها تواجه حزب المؤتمر الوطني الحاكم.. فتحدثت صحف عن أنها أربعة، فيما اعتبرتها صحف أخرى خمسة، أو سبعة.. ولا أعرف ما السبب في اختلاف إحصاء الصحف لعدد الزنقات، وما إذا كان الأمر من (المصدر)أي خطاب الصادق المهدي أم من الزملاء ( الصحفيين) الذين رصدوا وقائع الخطاب؟! وفي كل الأحوال، فالواضح أن هناك (أزمة تعداد) للزنقات التي تواجه السودان.. وهي أزمة قد تكون سهلة جداً من حيث الحل.. فقط ربما ينقصها التحديد والتصنيف أولاً.. لذلك اقترح إقامة (دروس خصوصية) مجانية في الرياضيات والاحصاء لقادة أحزابنا السودانية في السلطة والمعارضة وكذلك لمختلف وسائل الإعلام.. فمشكلة السودان كلها في ( الارقام ) لا أكثر ولا أقل !! ( 2 ) قررت المحكمة الشرعية بأم درمان أمس أن زواج السيدة (روضة جوان) من الرئيس الراحل جعفر نميري فاسد.. لأنها زوجت نفسها بغير ولي، ورأت المحكمة أن مثل هذا الزواج لا يقره الشرع ولا القانون، وبالتالي لا يترتب عليه اي أثر قانوني سوى المهر... وبالتالي يبدو أن ادعاء (روضة جوان) لا ينطلق من العدم، فهناك على الأقل معرفة ما بين(الطرفين) ربما لم يصل الى حد (الشراكة)، أو كاد أن يصلها ثم انفضت.. وهي خطوات في الطريق لا تسوغ لها المطالبة بالميراث أو التحدث بأنها كانت (السيدة الثانية) في حياة الرئيس الاسبق.. وبالتالي فتركة نميري من نصيب (السيدة الاولى) فقط وفقاً لقرار المحكمة.. لكن هل ماتركه النميري من ورثة يستحق بالفعل هذه (المعارك)..؟! ألا يدعو ذلك الى معاودة البحث في هذه التركة، والتي ظل يقول البعض إنها لا تساوي في قيمتها المادية شيئاً على الإطلاق.. وأن الرئيس الاسبق لم يكن يملك في حياته حتى (منزلاً خاصاً).. وأن ما يقال عن ثروته الطائلة هو مجرد شائعات..؟! النميري يظل في حياته ومماته مثيراً للجدل .. له الرحمة . ( 3 ) مشكلة النواب الجنوبيين في البرلمان حسمت أمس بإعلان المجلس الوطني اسقاط عضويتهم.. ورغم (الحساسية) التي تعامل بها الجنوبيون مع هذا الموضوع والتلويحات والتهديدات التي اطلقوها في حال استبعادهم قبل الموعد الرسمي لاعلان انفصال الجنوب.. لكن المنطق يقول إن وجود النواب الجنوبيين في البرلمان لم يعد له ما يبرره، لأن البرلمان مهمته النظر في القوانين والموضوعات التي تهم البلد.. ولأن البلد (انقسم) يتحتم أن يكون للشمال برلمانه الخاص مثلما سيكون للجنوب برلمانه الخاص.. ولا معني لحضور الجنوبيين لجلسات برلمان الشمال في الوقت الحالي، لأنه لن ينظر في قضايا تخص الجنوب، حيث لا يعقل أن يدلي الجنوبيون بدلوهم فيما لا يخصهم.. وهذا المنطق رغم وجاهته لا يبرر في المقابل هذه (العجلة) في الغاء المقاعد الجنوبية طالما أن هذه الخطوة ستعمق الخلافات وستفضي لخطوات مضادة .. إن المشكلة الأساسية ليست في اقصاء النواب الجنوبيين، وإنما في شكل وفعالية البرلمان بعد ذهابهم، لأنه سيكون عبارة عن (كتلة صماء) واحدة ثمثل الحزب الحاكم.. والأصل في اي برلمان أن يكون متعدد الأصوات والاتجاهات ليمثل خيارات الشعب وليس الحكومة.. هذه هي (الورطة الحقيقية) بعد خلو مقاعد الجنوبيين عاجلاً أم آجلاً !! (4) الخبر الذي أوردته بعض الصحف أمس حول وفاة (20) مريضاً بالكبد الوبائي في حلفاالجديدة، محزن ومقلق الى حد كبير، فهذا المرض اللعين من أخطر الأوبئة التي تهدد العديد من الدول منها مصر القريبة، والتي ظل يمثل (الكبد الوبائي) تحدياً كبيراً أمام مسيرتها التنموية والاقتصادية والاجتماعية.. وبما أن الأرقام في السودان بدأت تأخذ وضعية متقدمة والى حد قد يصل الى الوباء كما حذر مصدر الخبر، فإن التحرك الفوري والعاجل أصبح أمراً لا مناص منه قبل أن يستفحل المرض وينتقل الى مناطق أخرى، ويتحول الى معضلة صحية تصعب معالجتها، وتضاف الى الأعباء والاشكاليات الأخرى التي مازال الحقل الصحي يعاني الكثير من أجل ايجاد الحلول الناجعة لها.. ولعل الغريب في الخبر ماذكره المصدر من أن الامدادات الطبية رفضت صرف أدوية لنائب دائرة حلفاالجديدة، لأن وزارة الصحة لم تدفع ماعليها من ديون.. هل يعقل هذا الكلام..؟!